ونقل الشيخ جمال الدين الدميري في كتابه "حياة الحيوان" لغزًا في بجع:
ما طائر في قلبه ... يلوح للناس عجب
منقاره في وسطه ... والعين منه في الذنب
وكتب علامة العصر الشيخ بدر الدين الدماميني، إلى المجدي فضل الله بن مكانس، ملغزًا في قدح، فقال: ما اسم حبيب إلى النفوس، شبيه بالبدر حليق للشموس، إن قلب كان لقلبه من العين مكان المناسبه، أو سقط قلبه مع الفعل كان ضدًّا للأقوال الكاذبه، وإن صحف بعد العكس أنبأ عن الذكاء وهذا غاية الشرح، وإن غير ثانيًا علم رب الكلام المحرر أنه دال على الطرح، حاشيتاه مع التصحيف آلة للصيد، معينة على المكر والكيد، وإن قطع طرفه كان صراح باقيه قوامًا، وإن عكس على الطرف صار بتصحيفه مدامًا، وإن زال أوله كان العكس عقابًا بالمتعاطي إثمه، أو صحف اشتاقت الشفاه إلى تقبيله ولثمه، وربما كان الحد عند تصحيفه الآخر منافيًا لاسمه، مبيانًا في الحقيقة لحده ورسمه.
فكتب الجناب المجدي الجواب وألغز فيه ورد بقوله: يقبل الأرض التي أطالت بالجفاء حرمانه، وتداركته بعد إجراء دموعه فعظمت في الحالين شانه، وانتهى المملوك إلى اللغز الذي تمتع بملحه، وشرب بقدحه، فابتهل شكرًا، ومالت أعطافه بالقدح الفارغ سكرًا، فوجده كما قال مولانا حبيبًا إلى النفوس، مجتهدًا في التوصل بما حازه إلى الرءوس، وكتب في الجواب لغزًا، وخالف نفسه إذ قالت لا ينبغي مجاراة هذا الجواد لزًّا١. "وهو" ما عاطل يتحلى به المجالس، ويتفكه به في المجالس، تحمر وجناته من الشرب، وتحمد آثاره في البعد والقرب، إن قلبته وجدته تاجًا، وإن تركته على حاله زادك ابتهاجًا، يعذب بالنار وغيره الجاني، ويريك إن بدلت أوله برد الأماني، يستخرج وهو داخل، ويرى دمعه من نار قلبه هاطل، لا تبرح به في غبطة، ولا تجد فيه مع انهماله نقطة، فإن حذفت أوله وحرفت باقيه وجدته أمرًا بالشراب، وإن فعلت كذا في ثانيه رأيت ما بقي مولدًا للمحبة بين الأحباب، وورّ إن حذفت آخره كمن وري، وغص في بحر الفكر على عكس ثلثيه لتستخرج درًا، والمملوك يسأل الصفح فإنه لولا المحبة ما أجاب، ولا طرق بعد فقد أبيه هذا الباب.
فكتب إليه الشيخ بدر الدين الجواب: يقبل الأرض وينهي ورود الجواب، الذي شفى القلوب بوروده، واللغز الذي نسي بوروده، بان الحمى وطيب وروده، فوجده روض