ثار الغرام الذي في مهجتي خامد ... وسال دمعي الذي كنت أعهده جامد
وأنا ببغداد والمحبوب في آمد ... مصيبتي عظمت وأنا لها حامد
وقد طال الشرح، وأوردت في باب التورية من المحاسن ما يكفي، قديمًا وحديثًا، وأوردت بعد ذلك ما وقع فيها من النظم، عفوًا وتكليفًا. وقد تعين على إيراد ما وعدت به في ديباجة هذا الباب، من فقه التورية والكلام على أنواعها وأقسامها، فإن القول على اختلاف عبارات الحدود قد تقدم، والكل راجع إلى مقصود واحد، إذ القصد من لفظ التورية أن يكون مشتركًا بين معنيين أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية، فيريد المتكلم المعنى البعيد، ويوري عنه بالقريب، فيوهم السامع أول وهلة أنه يريد القريب وليس كذلك، ولهذا سمي هذا النوع إيهامًا.
أنواع التورية:
والتورية أربعة أنواع: مجردة، ومرشحة، ومبينة، ومهيأة.
النوع الأول التورية المجردة: وهي التي لم يذكر فيها لازم من لوازم المورى به، وهو المعنى القريب، ولا من لوازم المورى عنه، وهو المعنى البعيد. وأعظم أمثلة هذا النوع قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[ط: ٥/ ٢٠] ؛ لأن الاستواء على معنيين: أحدهما الاستقرار في المكان، وهو المعنى القريب، والثاني الاستيلاء والملك، وهو المعنى