للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمحاسنها الرواة في كل معنى، قول الشيخ جمال الدين بن نباتة، في وصف قوس البندق بعد تغزله في الرامي:

قد حمد القوم به عقبى السفر ... عند اقتران القوس منه بالقمر

لولا حذار القوس من يديه ... لغنت الورق على عطفيه١

في كفه محنية الأوصال ... قاطعة الأعمار كالهلال٢

ثم قال منها، وهي الطردية الموسومة بنظم السلوك في مصائد الملوك، ولم يخرج عن تشبيه القوس مع اشتراك التورية:

كأنها حول المياه نون ... أو حاجب بما نشا مقرون

ويعجبني منها قوله، في وصف التم مع خمس التضمين:

تخاله من تحت عنق قد سجا ... طرة صبح تحت أذيال الدجا٣

ومنها يشبه الطيور الواقعة على قسي الرماة:

كأنها وهي لدينا وقع ... لدى محاريب القسي ركع٤

ومن التشابيه الغريبة التي لم يسبق الشيخ جمال الدين بن نباتة إليها قوله:

أشكو السقام وتشكو مثله امرأتي ... فنحن في الفرش والأعضاء ترتج٥

نفسان والعظم في نطع يجمعنا ... كأنما نحن في التمثيل شطرنج٦

ومثله في الغرابة، قوله من قصيدته اللامية التي عارض بها كعب بن زهير، في مديح النبي صلى الله عليه وسلم مع التضمين الفائق:

ما يمسك الهدب دمعي حين أذكركم ... إلا كما يمسك الماء الغرابيل

ومن لطائف التشبيهات، قول بدر الدين بن حسن الزغاري، في وصف زهر الزنبق:

وزهرة من زنبق ... أنوارها وهاجه

صفراء في مبيضة ... كالراح في الزجاجة


١ الورق: الحمائم.
٢ محنية الأوصال: القوس.
٣ سجا: سكن وهدأ. الطرة: الغرة وهي أول الشيء.
٤ محاريب: جمع محراب: وهو مكان العبادة.
٥ ترتج: تهتز وترتجف.
٦ النطع: الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>