للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقنعت في حبي لهم فتعصبوا ... علي وهم سادات من قد تلثموا

لهم حسب عان ببطحاء مكة ... لأن رسول الله في الأصل منهم١

ومن الأغزال التي لا تليق أن يكون غزلها لمديح قصيد نبوي، قصيد السري الرفاء، فإنه مدح بها الفاطميين وجدهم صلى الله عليه وسلم، وجرح القلوب بندبة الحسين عليه السلام، فإنه قال منها:

مهلًا فما نقلوا آثار والده ... وإنما نقضوا في قتله الدينا

وهذه القصيدة مشتملة على مدح النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وندبة الحسين بن علي عليهما السلام، فما ينبغي أن تكون براعتها:

نطوي الليالي علمًا أن ستطوينا ... فشعشعيها بماء المزن واسقينا٢

ما أحق هذه البراعة ليعدها من المديح بقول القائل:

تمنيتهم بالرقمتين ودارهم ... بوادي الغضى يا بعد ما أتمناه

وما كفاه حتى قال بعد ذلك:

وتوجي بكئوس الراح راحتنا ... فإنماخلقت للراح أيدينا٣

قامت تهز قوامًا ناعمًا سرقت ... شمائل البان من أعطافه اللينا

تدير خمرًا تلقاها المزاج لها ... ألقيت فوق جنى الورد نسرينا٤

فلست أدري أتسقينا وقد نفحت ... روائح المسك منها أم تحيينا

وقد ملكنا زمان العيش صافية ... لو فاتنا الملك راحت عنه تسلينا

أقول: غفر الله له هذا الغزل، فيه إساءة أدب على مماديحه، فإنه شبب بوصف القيان٥ وبذكر الخمر، وبينه وبين المديح مباينة عظيمة.

رجع إلى البراعات البارعة التي تشعر أنها صدر المديح النبوي، بالإشارات اللطيفة، منها براعة الشيخ برهان الدين القيراطي وهي قوله:

ذكر الملتقى على الصفراء ... فبكاه بدمعة حمراء


١ حسب عانٍ: حسب ظاهر ومعروف.
٢ شعشعيها: من شعشع الخمرة بالماء إذا مزجها به ليزيد لونها صفاء. والمزن: مفردها، مزنة وهي الغيمة الممطرة.
٣ الراح: من أسماء الخمرة.
٤ النسرين: نوع من الأزهار يعرف بزهرة الرب.
٥ القيان: جمع مفرده قينة وهي المغنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>