للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغوير ولعلع وأكناف حاجر١ ويطرح ذكر محاسن المرد٢ والتغزل في ثقل الردف٣ ودقة الخصر وبياض الساق وحمرة الخد وخضرة العذار٤ وما أشبه ذلك، وقل من يسلك هذا الطريق من أهل الأدب وبراعة الشيخ صفي الدين الحلي، في هذا الباب، من أحسن البراعات وأحشمها، وهي:

إن جئت سلعا فسل عن جيرة العلم ... وأقر السلام على عرب بذي سلم

فقد شبب بذكر سلع، والسؤال عن جيرة العلم، والسلام على عرب بذي سلم.

ولا يشكل٥ على من عنده أدنى ذوق أن هذه البراعة صدرت لمديح نبوي، ومطلع البردة٦ أيضًا في هذا الباب، من أحسن البراعات أيضًا وهو:

أمن تذكر جيران بذي سلم ... مزجت دمعًا جرى من مقلة بدم

فمزج دمعه بدمه، عند تذكر جيران بذي سلم، من ألطف الإشارات إلى أن القصيدة نبوية، وما أحلى ما قال بعده.

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة ... وأومض البرق في الظلماء من أضم٧

وحشمة الشيخ جمال الدين بن نباتة في براعة قصيدته الرائية النبوية، يتعلم الأديب منها سلوك الأدب وهي:

صحا القلب لولا نسمة تتخطر ... ولمعة برق بالفضا تتعسر٨

وما أحشم قوله بعده:

وذكر جبين المالكية إن بدا ... هلال الدجى والشيء بالشيء يذكر

سقى الله أكناف الفضا سائل الحيا ... وإن كنت أسقي أدمعًا تتحدر٩


١ أسماء أماكن.
٢ المرد: جمع مفرده أمرد وهو الفتى لم تنبت له لحية.
٣ الردف: المؤخرة.
٤ العذار: ما سال من الشعر على جانبي الوجه.
٥ يشكل: يلتبس ويختلط.
٦ البردة: قصيدة مشهورة في مدح النبي. ومعنى البردة الكساء المخطط.
٧ تلقاء: ناحية - كاظمة اسم مكان - أومض: لمع، أضم: اسم جبل.
٨ تتسعر: تلتهب وتزداد لمعانًا.
٩ الفضا والحيا: ترخيم الفضاء والحياة.

<<  <  ج: ص:  >  >>