للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي قبض فيه عارضه به مرتين، والعرضة الأخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون بكتابتها في المصاحف١ وقد شهد زيد العرضة الأخيرة التي بيَّن فيها ما نسخ وما بقي، وكتبها لرسول الله وقرأها عليه، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولهذا اختير للجمعين البكري والعثماني٢.

والنبي, صلى الله عليه وسلم -في حياته- كان بين ظهراني المسلمين يقرءون القرآن بين يديه، ويملكون الاسترشاد به في شأن هذا الكتاب وفي كل شأن ولذلك كان الخطأ في القرآن على عهده مأمونًا تمامًا.

وفي ذلك العهد، كان الإسلام الناشئ لا يزال محدود الرقعة، فلم تكن الحاجة إلى جمع القرآن في نفس شدتها على عهد أبي بكر ثم عهد عثمان.

والثابت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستحفظ أصحابه ما ينزل عليه من القرآن عقب نزوله، وكان له كتاب، يكتبون بين يديه بأمره وإقراره ما ينزل عليه.

روى أحمد وأصحاب السنن الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم عن ابن عباس عن عثمان قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما يأتي عليه الزمان، ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنه فيقول: ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا.

وكانوا على ما اعتاد العرب, يكتبونه في اللخاف٣,والعسب٤، والرقاع, وقطع الأديم٥، والأكتاف٦.

روى البخاري عن البراء قال: لما نزلت: {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء: ٩٥] قال النبي, صلى الله عليه وسلم: "ادع لي زيدًا " يريد زيد بن


١ ابن تيمية في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل القرآن على سبعة أحرف: ص٥٠، ٥١.
٢ البرهان للزركشي جـ١ ص٢٣٧.
٣ اللخاف واحدتها لخفة بضم اللام وسكون الخاء, وهي الحجارة الدقاق، وقال الخطابي: صفائح الحجارة الرقاق، قال الأصمعي: فيها عرض ودقة، وفسره أبو ثابت بالخزف وهي الآنية التي تصنع من الطين المشوي.
٤ جمع عسيب وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض.
٥ الجلد المدبوغ "المصباح المنير".
٦ جمع كتف، مثل كذب وكذب، وهو العظم العريض للشاة أو البعير كانوا إذا جف يكتبون عليه..

<<  <   >  >>