للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد بلغ الأمر بالرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل منها تحديدًا للكمال ذاته؛ فقد سئل: ما الإحسان؟ فأجاب: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ١.

إن الشعور الذي تثيره هذه الطريقة في التوجيه، هو على هذا النحو شعور بالارتياح، وبالقوة البناءة، فهو جاذبية الحب.

ثانيًا: موقف التجاوب عمومًا لأحكام الشرع، ولكنه لا يستبعد إمكان الخطأ.

وهنا لا نعود نشهد منظر عمل صالح يحدث، ويجب أن نشجعه، ولسنا كذلك أمام شر يهدد، إنما نحن في موقع ما قبل العمل، في ظروف عادية. ولما كنا نرى أمام الإرادة إمكانتين فإن الأمر يصدر في صورة مجردة بعض الشيء، أي: لا تبالي مطلقًا باختيارنا المقبل.

وليس للقول التوجيهي إلا أن يرتدي نفس الطابع، أي: إنه لا يكون تحريضًا على عمل الخير صراحة، ولا دفعًا عن اتجاهات الشر، بل يبقى غامضًا، وكأنه حالة بين حالتين، فهي كلتاهما في وقت واحد. ولن نقرأ بعد ما معناه: إن الله يرى الخير الذي تفعلون، ولن نقرأ كذلك: حاذروا أن تفعلوا الشر, بل سوف نقرأ: هذا هو الواجب، وسيرى الله ما تفعلون، في مثل قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ٢.


١ انظر: صحيح البخاري, كتاب الإيمان, باب ٣٨.
٢ ٢/ ١٤٩ و٢٣٣ و٢٣٤ و٢٣٧ و٢٤٤ و٤/ ١ و٣٣ و٥٨ و٥/ ٧ و٨ و٨/ ٣٩ و٧٢ و٩/ ١٦ و١٠٥ و١١/ ١٢٣ و٢٤/ ٢٨ و٢٩ و٣٠ و٦٠ و٢٥/ ٢٠ و٢٩/ ٤٥ و٣٣/ ٣٤ و٥٤ و٥٥ و٥٨/ ٣ و١٣ و٥٩/ ١٨ و٦٣/ ١١ "= ٣ أو٢٥ ب".

<<  <   >  >>