للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس بن مالك: بينما أمير المؤمنين عمر يعسّ ذات ليلة إذ مر بأعرابي جالس بفناء خيمة فجلس إليه يحدثه ويسأله ويقول له: ما أقدمك هذه البلاد? فبينما هو كذلك إذ سمع أنينًا من الخيمة فقال: من هذا الذي أسمع أنينه? فقال: أمر ليس من شأنك، امرأة تمخض، فرجع عمر إلى منزله وقال: يا أم كلثوم شدي عليك ثيابك واتبعيني، قال: ثم انطلق حتى انتهى إلى الرجل فقال له: هل لك أن تأذن لهذه المرأة أن تدخل عليها فتؤنسها، فأذن لها فدخلت فلم يلبث أن قالت: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام، فلما سمع قولها أمير المؤمنين وثب من حينه فجلس بين يديه وجعل يعتذر إليه فقال: لا عليك!! إذا أصبحت فأتنا فلما أصبح أتاه ففرض لابنه في الذرية وأعطاه. وعن ... أن عمر لما رجع من الشام إلى المدينة انفرد عن الناس ليعرف أخبارهم فمر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت: يا هذا ما فعل عمر؟ قال: هو ذا قد أقبل من الشام، قالت: لا جزاه الله عني خيرًا، قال: ويحك! ولم? قالت: لأنه والله ما نالني من عطائه منذ ولي إلى يومنا هذا دينار ولا درهم، فقال: ويحك ما يدري عمر حالك, وأنت في هذا الموضع? فقالت: سبحان الله ما ظننت أن أحدًا يلي على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها! قال: فأقبل عمر وهو يبكي ويقول: وا عمراه! وا خصوماه! كل واحد أفقه منك يا عمر، ثم قال لها: بكم تبيعيني ظلامتك منه فإني أرحمه من النار؟ قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله، قال لها عمر: ليس بهزء، فلم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارًا، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وابن مسعود فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين, فوضعت المرأة يدها على رأسها وقالت: وا سوءتاه!! شتمت أمير المؤمنين في وجهه، فقال لها عمر: لا عليك يرحمك الله، قال: ثم طلب عمر قطعة جلد يكتب فيه فلم يجد, فقطع قطعة من فروة كان لبسها وكتب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>