وقد كان عبد الله معدودا من المكثرين لرواية الحديث، وساعده على ذلك أمور:
١- تقدم إسلامه، وانفساح عمره، وشدة ملازمته لمجالس النبي صلى الله عليه وسلم، وكثرة اتباعه لآثاره، وسؤاله إذا غاب عن قوله وفعله، مما يدل على شغفه بالعلم وتحصيل الحديث.
٢- اتصاله بالنبي صلى الله عليه وسلم بطريق المظاهرة، فقد كانت أخته حفصة، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فسهل عليه مخالطته في أغلب الأوقات.
٣- زهده في الدنيا والإمارة، ومجانبته للحروب التي شبت بين الصحابة مما أعانه على التفرغ للحديث تحملا وأداء.
لهذا كله كان عبد الله من المكثرين، فقد روى له ألف وستمائة وثلاثون حديثا، اتفق الشيخان من ذلك على مائة وسبعين وانفرد البخاري بواحد وثمانين ومسلم بواحد وثلاثين. والباقي رواه غيرهما.
كانت وفاته رضي الله عنه سنة ٧٣هـ بعد مقتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر، وعمره سبع وثمانون عاما على المعتمد.
عبد الله بن عمرو بن العاص:
هو، أبو محمد عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي، السهمي. أسلم قبل أبيه وكان مجتهدا في العبادة مكثرا لتلاوة القرآن، كما كان أكثر الناس أخذا للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى البخاري في كتاب العلم أن أبا هريرة قال:"ما كان أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب"، وجاء عنه أنه كان يكتب كل ما يسمعه من النبي