هي، عائشة بنت أبي بكر الصديق، إحدى أمهات المؤمنين، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت بعد بعثة النبي بسنتين على أحد الأقوال. ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها، وهي بنت ست سنين وبنى بها، وهي بنت تسع سنين في شوال من السنة الأولى للهجرة. وقيل من السنة الثانية بعد منصرفه من بدر.
هيأ لها زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلاطها به مع ذكائها النادر وفطنتها العظيمة، وفكرها الثاقب ورغبتها الشديدة في معرفة أحكام الدين أن تحملت كثيرا من الحديث، وعلوم القرآن حتى ضربت في كل علم بسهم وافر، وأصبحت المرجع في الحكم عند الاختلاف. فلا غرابة أن تلقى عنها كبار الصحابة، وتحمل عنها الحديث عمر بن الخطاب على كثرة ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أضف إلى ذلك أنها بقيت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثين عاما، يغترف الناس من بحرها الزاخر، وعلمها الفياض.
فلا جرم إن كانت عائشة معدودة من المكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى لا ألفان ومائتان وعشرة أحاديث "٢٢١٠"، اتفق الشيخان من ذلك على مائة وأربعة وسبعين حديثا. وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ومسلم بثمانية وستين.
قال مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض.