للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيرضيك أن تغشى سنابك خيلهم ... حماك، وأن يمنى الحطيم وزمزم

وكيف يذل المسلمون وبينهم ... كتابك يتلى كل يوم ويكرم

نبيك محزون وبيتك مطرق ... حياء، وأنصار الحقيقة نوم١

وحين ينتصر مصطفى كمال سنة ١٩٢٢، وتنهض تركيا بعد ما منيت به من هزيمة واستسلام، يتحدث شوقي عن هذا الانتصار بلغة المسلم المبتهج بانتصار قائد مسلم في معركة إسلامية، حتى ليذكره هذا النصر القريب في الأناضول بما كان من انتصار بعيد في بدر، وحتى لينقل إليه مصطفى كمال صورة خالد بن الوليد، وحتى ليجعل الفرحة تهز كل جوانب العالم الإسلامي، وتمس كل آثاره المقدسة، وفي ذلك يقول شوقي:

الله أكبركم في الفتح من عجب ... يا خالد الترك جدد خالد العرب

لما أتيت ببدر من مطالعها ... تلفت البيت في الأستار والحجب

وهشت الروضة الفيحاء ضاحكة ... إلى المنورة المكية الترب

وأرَّج الفتح أرجاء الحجاز وكم ... قضى الليالي لم ينعم ولم يطب٢

بل يتحدث عبد المطلب عن هذا الانتصار، في حماس أعظم واندماج أشد، حتى ليعتبره انتصارًا لقومه، وفوزًا لآله، وهو في ذلك لا يعتبر نفسه تركيًّا، ولا يتخلى عن شيء من حماسه لوطنه، وإنما يصدر عن هذا الشعور الإسلامي المجمع، الذي يعتبر المسلمين إخوة، وفي ذلك يقول من قصيدة له:

لقد ظنوا الظنون بنا سفاهًا ... ورادوا البغي وانتجعوا الخيالا

كأم لم يعلموا أن المنايا ... بأيدينا نصرفها نصالا

وأن لنا لدى الغارات خيلا ... بحد بنا إلى الموت اختيالا

وما يونان -إن جهلت- بكفء ... لنا يوم المغار ولا مثالا٣


١ ديوان حافظ جـ٢ ص٨٨-٨٩.
٢ الشوقيات جـ١ ص٤٨-٥٢.
٣ ديوان عبد المطلب ص١٩٨.

<<  <   >  >>