للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الفلاح يا حضرة العمدة لا يذعن لأوامركم إلا بالضرب؛ لأنكم لم تعودوه غير ذلك، فلو كنتم أحسنتم صنيعكم معه لكنتم وجدتم فيه أخًا يتكاتف معكم ويعاونكم، ولكنكم -مع الأسف- أسأتم إليه، فعمد إلى الإضرار بكم تخلصًا من إساءتكم، وإنه ليدهشني أن تكون فلاحًا، وتنحي باللائمة على إخوانك الفلاحين.

فهز العمدة رأسه، ونظر إلى الشركسي، وقال:

- هذه نتائج التعليم.

فقال الشركسي:

- نام وقام فوجد نفسه قائم مقام.

أما الأفندي ذو الهندام الحسن، فإنه قهقه ضاحكًا وصفق بيديه، وقال للتمليذ:

- برافو يا أفندي، برافو، برافو.

ونظر إليه الشركسي، وقد انتفخت أوداجه، وتعسر عليه التنفس، وقال:

- ومن تكون أنت؟

- ابن الحظ والأنس يا أنس.

وقهقه عدة ضحكات متوالية.

"ولم يبق في قوس الشركسي منزع، فصاح وهو يبصق على الأرض طورًا، وعلى الأستاذ طورًا، وعلى حذاء العمدة تارة:

- أدبسيس فلاح.

ثم سكت وسكت الحاضرون، وأوشكت أن تهدأ العاصفة، لولا أن التفت العمدة إلى الأستاذ، وقال:

- أنت خير الحاكمين يا سيدنا، فاحكم لنا في هذه القضية.

فهز الأستاذ رأسه، وتنحح، وبصق على الأرض، وقال:

- وما هي القضية لأحكم فيها بإذن الله جل وعلا.

- هل التعليم أفيد للفلاح أم الضرب؟

<<  <   >  >>