للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن العقاد ينكر تأثره هو أو أحد رفاقه بمطران، ويؤكد أنه كان هو وزميلاه يتعرفون على ألوان التجديد في الشعر بقراءاتهم المباشرة في الأدب الإنجليزي، وعدم احتياجهم، لأن يتأثروا بالتجديد نقلًا عن مطران، الناقل بدوره عن الفرنسية، بل يبالغ العقاد فيرى أن مطران قد تأثر بهؤلاء الشعراء الثلاثة، ويستدل على ذلك باتجاه مطران أخيرًا إلى الأدب الإنجليزي، وترجمته لبعض أعمال شكسبير١.

والواقع أن العقاد وصاحبيه، لم يظلوا غافلين عن التجديد حتى ظهر ديوان مطران سنة ١٩٠٨، ولم يكن كتاب "الديوان" الذي ظهر سنة ١٩٢١ هو بداية المعركة بينهم وبين المحافظين؛ فالحق أن كتاباتهم التجديدية قد بدأت بكتابات العقاد في صحيفة الدستور منذ سنة ١٩٠٧، حيث نشر بها وبغيرها آراء نقدية تجديدية عن "التشبيه الشعري"، و"الشعر والألفاظ"، و"الكاتب والشاعر" وغير ذلك٢، والحق أيضًا أن معركتهم مع المحافظين قد بدأت بنقدات العقاد لحافظ وشوقي، التي بدأها منذ سنة ١٩٠٩، مثل نقده لحافظ إبراهيم، ونعيه عليه خلطه للأغراض في قصيدة واحدة، وقوله عند سنة ١٩٠٩ ما خلاصته، أنه أخذ قطعة من الحرير، وقطعة من المخمل وقطعة من الكتان، وكل منها صالح وحده لصنع كساء فاخر في نسجه ولونه، ولكنها إذا جمعت على كساء واحد، فتلك مرقعة الدراويش٣.

ومثل نقده لشوقي، واتهامه له بالغول والتقليد وعدم الصدق، وقوله عنه سنة ١٩١٠ما نصه:

"ليت شعري ماذا كان يعني شوقي بك بقوله على قبر بطرس غالي باشا:

القوم حولك يا ابن غالي خشع ... يقضون حقًّا واجبًا وذماما

يتسابقون إلى ثراك كأنه ... ناديك في عهد الحياة زحاما


١ شعراء مصر وبيئاتهم ص٢٠٠.
٢ نشر العقاد هذه الآراء بعد ذلك في كتابه خلاصة اليومية الذي ظهر سنة ١٩١٢.
٣ أفيون الشعوب للعقاد ص١٥٢.

<<  <   >  >>