للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسبب في موقف شوقي من رثاء مصطفى كامل واضح، وهو ما كان من معاداة عباس للشاب الثائر، ثم ما كان من سخط الإنجليز عليه، فلم يرد شوقي -فيما يبدو- أن يرثي مصطفى كامل رثاء وطنيا، حتى لا يجلب على نفسه سخط الخديوي، وحتى لا يثير مشكلات تمس ما بين القصر والإنجليز من وفاق، ومن هنا تردد شوقي أولًا، ثم دبج هذا الرثاء "الدبلوماسي" الذي لم يورد فيه أهم خصائص مصطفى كامل كثائر وطني، ورائد من أبرز رواد الحركة المقاومة للاحتلال.

وبناء على ولاء شوقي للقصر، حينذاك، وتشكل موقفه بطابع علاقته به، يفسر موقفه من عرابي، وهجاؤه له بثلاث قصائد بعد عودته من المنفى، حيث يقول في الأولى:

صغار في الذهاب وفي الإياب ... أهذا كل شأنك يا عرابي

عفا عنك الأباعد والأداني ... فمن يعفو عن الوطن المصاب١

ويقول في الثانية:

أهلًا وسهلًا بحاميها وفاديها ... ومرحبًا وسلامًا يا عرابيها

وبالكرامة يا من راح يفضحها ... ومقدم الخير يا من جاء يخزيها٢

ويقول في الثالثة:

عرابي كيف أوفيك الملاما ... جمعت على ملامتك الأناما

فقف بالتل واستمع العظاما ... فإن لها كما لهمو كلامًا٣

وليس من السهل الاقتناع بأن الدافع لشوقي على هذا الهجاء، كان حب مصر، وكراهية ما ترتب على حركة عرابي من احتلال٤؛ لأن الدافع لو كان


١ وطنية شوقي ص٢١٥-٢١٦.
٢ المصدر السابق ص٢١٧-٢٢٠.
٣ المصدر نفسه ص٢٢٠-٢٢٥.
٤ المصدر نفسه ص٢٢١-٢٣١.

<<  <   >  >>