للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟! قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» (١).

وقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: لَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ خَيْرًا وَلَا شَرًّا حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُخْتَمُ لَهُ، يَعْنِي بَعَدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ: وَمَا سَمِعْتَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلَابًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا " (٢).

وكل ما سبق يدل دلالة قوية على عظيم أهمية هذا الدعاء {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} الذي نكرره في كل ركعة، ولكن حجب الذنوب الكثيفة على القلوب أفقدت القلب الشعور بحاجته الشديدة والماسة جداً لتكرار هذا الدعاء في كل ركعة، وإلى الله المشتكى.

ت - وكذلك يحضر قلبه عند التأمين، فهو كلمة بمعنى: "اللهم استجب" أي: استجب هذا الدعاء، وليتذكر وهو يقول: "آمين" حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٣).

ث - قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن هذا الدعاء العظيم: " ولولا احتياجه ليلاً ونهاراً إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك؛ فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق" (٤).


(١) مسند أحمد ط الرسالة (١٩/ ١٦٠) ح (١٢١٠٧)، سنن الترمذي (٤/ ٤٤٨) ح (٢١٤٠) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، سنن ابن ماجه (٢/ ١٢٦٠) ح (٣٨٣٤)، حكم الألباني بصحته في مشكاة المصابيح (١/ ٣٧) ح (١٠٢)، قال محقق المسند (١٩/ ١٦٠): "إسناده قوي على شرط مسلم".
(٢) أخرجه أحمد (٣٩/ ٢٣٩) ح (٢٣٨١٦)، والحاكم (٢/ ٣١٧) ح (٣١٤٢) وصححه ووافقه الذهبي، وقال محقق المسند (٣٩/ ٢٣٩): " حديث حسن"، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/ ٣٧٤) ح (١٧٧٢).
(٣) صحيح البخاري (٨/ ٨٥) ح (٦٤٠٢)، وصحيح مسلم واللفظ له (١/ ٣٠٧) ح (٤١٠).
(٤) تفسير ابن كثير ت سلامة (١/ ١٣٩).

<<  <   >  >>