به أنفسهم، ونطقت به ألسنتهم، وقامت به عليهم الحجة فيما دعت إليه الرسل من توحيد العبادة.
وقال:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} إلى أن قال: {كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، فأمره سبحانه أن يسلك في دعوته لقومه طريق الفطرة والعقل، فيستدل بتفرد الله بالآيات الكونية على توحيد الإلهية، وأن يلين لهم الجانب في غير ذلة ولا مداهنة، ويتلطف معهم في الدعوة والاستدلال من غير كذب ولا خداع، حتى لا تأخذهم العزة بالإثم، وذلك بين قوله:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} .
فهذا منهج القرآن والرسل في الدعوة حجاج واستدلال ورفق في القول، وأمر بالعرف، وحسن في السياسة من غير مداراة تذهب بالحق، وفي معنى هذه الآية كثير، كمناظرة إبراهيم ونوح وموسى وإخوانهم من النبيين لأممهم عليهم الصلاة والسلام.
ومن سلك طريق القرآن في الدعوة والاستدلال، واهتدى بهدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الحجاج وحسن السياسة قوي يقينه، وخصم مناظره، فإن في ذلك الحجة والبرهان من جهتين: الأولى: أنه الخبر عن المعصوم، والثانية: أنه موجب الفطرة ومقتضى العقل الصحيح.