للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحد مقدّمين (١) الألوف بمصر، المعروف بالبرقي.

كان ممن بقي من كتابية الأشرف برسباي، ومَلَكه الظاهر جقمق بعده إن صحّ أن الأشرف لم يعتق من كان في ملكه حين قرُب موته، فإنه قيل إنه أعتق جميع من كان في ملكه في زمن موته، واللَّه أعلم. وصيّره الظاهر خاصكيًا في أيامه، ثم رقّاه أنْ جعله بَجْمَقْدارًا، ومات الظاهر وهو على ذلك. ولما خُلع ولد أستاذه المنصور عثمان امتحنه الأشرف إينال، ثم هرب واختفى مدّة سنين. يقال إنه كان مختفيًا بمكان بالبرقية حيث كان سكنه، ثم ظهر في أواخر دولة الأشرف إينال.

ولما تسلطن الظاهر خُشْقَدم أمّره عشرة، وصيّره من رؤوس (٢) النُوَب، ثم نقله إلى الأميراخورية الثانية. ثم لما جرت كائنة قتل جانِبَك نائب جُدّة قُبض عليه، وبُعث به إلى سجن ثغر الإسكندرية، ثم أطلقه وبعث به إلى دمشق من جملة مقدَّمين (٣) الألوف بها. وحجّ أميرًا على المحمل الشامي في سنة إحدى وسبعين.

ولما تسلطن خُشداشه الظاهر تمربُغا بادر من فرحه بالمجيء إلى القاهرة، ولما وصل إلى الخانكة وعلم بذلك الظاهر تمربغا غضب، وأمر به أن يعود من حيث جاء، لكونه جاء بغير إذن، وشفع فيه فيما قيل شفاعة من شفع فيه، لكنّه بعث إليه بمركوب بسَرْج ذهب وكنْبوش مزركش وكاملية، وأعاده إلى دمشق، وذلك بواسطة الأتابك قايتباي، وخرج الأتابك المذكور إليه إلى حيث هو بالخانكة وطيّب خاطره، ولما عاد إلى دمشق زاد وعكه من قهره، سيما وقد كان لما قدم من الحاج قدم موعوكًا، فزاد ما به من قهره. واتفق أن خُلع الظاهر تمربُغا، وتسلطن الأشرف قايتباي، وبلغه ذلك ففرح به غاية الفرح. وكان الأشرف المذكور أول ما تسلطن عيّنه في مقدّمين (٤) الألوف بالقاهرة، وبعث إليه بذلك، وأمره أن يقيم بدمشق، ولا يتحرّك لسفرٍ حتى ينصل من مرضه، ثم يتوجّه مع العساكر المعيّنة لشاه سوار، ويعود معهم بعد ذلك، فما صبر عن القاهرة وتجهّز، وهو في تلك الحالة، وقدم القاهرة بغير إذن، ولم ينكر عليه السلطان ذلك، وأبطله من التجريدة لوعكه. وكان لما قدم صعِد إلى القلعة وهو في غاية الوعك بجهدٍ جهيد، وخلع السلطان عليه كاملية، ونزل إلى داره، ولم يَنشَب أنْ بَغَتَه [أجلُه].

وكان إنسانًا حسنًا، ذا هيئة حسنة، وعنده شجاعة وإقدام.

توفي في يوم الأربعاء ثامن عشرين شعبان، وله نحو الخمسين سنة.


(١) الصواب: "أحد مقدَّمي".
(٢) في الأصل: "روس".
(٣) الصواب: "مقدَّمي".
(٤) الصواب: "مقدَّمي".

<<  <  ج: ص:  >  >>