للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويكفي أن نستحضر في هذا الباب أن مشركي العرب الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستباح دماءهم وأموالهم، لم يكونوا يعتقدون في معبوداتهم التي كانوا يدعونها من دون الله خلقا ولا رزقا ولا تدبيرا وإنما كانوا يدعونها لتقربهم إلى الله زلفى، كما حكاه عنهم رب العزة جل جلاله. فكيف بمن يزيد على الاستغاثة المجردة - من أهل الجهل والفجور في مجتمعاتنا المعاصرة - شركا صريحا في الربوبية؟! وقد قال ابن تيمية رحمه الله في بيان هذا المعنى: " كان من أتباع هؤلاء أي: المشركين - من يسجد للشمس والقمر والكواكب ويدعوها كما يدعو الله تعالى ويصوم لها، وينسك لها ـ ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، وإنما الشرك إذا اعتقدت أنها هي المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة لم أكن مشركا. ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك" (١) .

ومما يدخل في هذا الباب العياذ واللياذ بغير الله عز وجل، والاستعاذة في اللغة هي الالتجاء والاعتصام. فالعائذ بالله هو الذي يهرب مما يؤذيه، إلى ربه سبحانه، فيعتصم به ويستجير به. وذكر بعض أهل اللغة أن العياذ لدفع الشر واللياذ لطلب الخير، وأنشدوا قول المتنبي:

يا من ألوذ به فيما أؤمله

ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره

ولا يهيضون عظما أنت جابره (٢)


(١) درء تعارض العقل والنقل: ١/٢٢٧.

<<  <   >  >>