للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثلاً: هل تجب على المسلم صدقة الفطر عن عبده الكافر، نظراً للإطلاق الوارد في الرواية الثانية؟ أو أنها لا تجب عليه لكونه كافراً عملاً بمفهوم القيد الوارد في النص الأول، وهو قوله: (من المسلمين) .

اختلف العلماء في هذه المسألة:

١ - فذهب الجمهور: إلى أنه لا تجب صدقة الفطر على المسلم عمن تلزمه مؤونته من غير المسلمين، نظراً للقيد الوارد في النص الأول، وهو قوله: (من المسلمين) ويحملون المطلق على المقيد في هذه الحال وأمثالها لاتحاد الحكم والواقعة فيها١.

٢ - وذهب الحنفية: إلى وجوب صدقة الفطر على الشخص المسلم عن كل من تلزم مؤونته - ولو كافراً - نظراً للإطلاق الوارد في الحديث الثاني، وقالوا: بعدم حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الحالة، بل يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده لانتفاء التعارض بينهما٢.


١ المغني لابن قدامة ٣/٥٦، وبداية المجتهد لابن رشد ١/٢١٤، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص: ١٣٥، والمهذب للشيرازي ١/١٦٣، وحاشية الدسوقي على الدردير ١/٥٠٥، ونيل الأوطار ٢/٧٥٤.
٢ المبسوط ٣/١٠٤، وبدائع الصنائع ٢/٩٦٢، والهداية مع فتح القدير ٢/٣٥، وقد قال بمذهب الحنفية ابن حزم الظاهري: لأنه صح عنده إلى جانب رواية ابن عمر: (من المسلمين) رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- "ليس على المسلم في فرسه وعبده صدقة إلا صدقة الفطر في الرقيق"، فعمل بهذه الرواية، لأن ما فيها زائد على ما جاء في رواية ابن عمر ولا تعارض بين الروايتين فوجبت تأدية زكاة الفطر على السيد عن رقيقه لا على الرقيق.
المحلى ٦/١٣٣، وتفسير النصوص ٢/٢٠٥، وأجاب الجمهور عن هذه الرواية بأن قوله: (عبده) عام لأنه مضاف إلى الهاء، وقوله (من المسلمين) خاص، والخاص يقدم على العام عند التعارض، فيكون المراد عن عبده المسلم؛ لأن الرواية الخاصة فسرت الرواية العامة، والجمع بينهما ممكن، فيكون أولى من ضرب الأدلة بعضها ببعض ثم إسقاطها.

<<  <   >  >>