للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النص القاطع والنص الصريح:

المراد بالنص القاطع من طرق العلة عند فخر الدين الرازي: ما كان من الألفاظ موضوعا للتعليل بحيث لا يحتمل غير العلية لا حقيقة ولا مجازا١، وذلك عنده أربعة ألفاظ أو ثلاثة وهي (لعلة كذا) و (لسبب كذا) و (لأجل كذا) و (لموجب كذا) ٢، وما عدا هذه الألفاظ فليس من النص القاطع.

ودون النص القاطع عنده الألفاظ التي تكون (ظاهرة جدا) كالتي تكون موضوعة حقيقة للتعليل ويكون استعمالها في غير العلية محمولا على المجاز، وذلك كاللام والباء و (إنّ) ٣.

فمرتبة (الظاهر جدا) في جهة الدلالة هنا هي مرتبة الظني القريب أو المقارب للقطعي كما سبق نقله عن بعض من توسع في اعتبار مطلق الاحتمال في إزالة القطعية٤.


١ انظر المحصول ٥/١٣٩-١٤٠، ٤٥٢-٤٥٣، وقد أشار غير الرازيّ إلى تقسيم مسلك النص من طرق العلة إلى قطعي وغير قطعي، كأبي الحسين البصري في المعتمد (٢/٢٥٠) لكنه ذكر في (النص الصريح) : اللام و (كي) ، وأشار إلى ذلك علاء الدين السمرقندي في ميزان الأصول (ص٥٩٠ فما بعدها) حيث ذكر أن طرق العلة أُسوةٌ في ذلك بطرق سائر الأحكام الشرعية، لكنه عند الكلام على المسلك الخاص بـ (النص) ذكر من أنواعه: اللام و (إن) والباء والفاء.
٢ انظر المحصول في الموضعين السابقين، وسبب الترديد بأو بين الأربعة والثلاثة، أنه ذكر في الموضع الأول الأربعة الألفاظ وفي الموضع الثاني الثلاثة الأول، ومثل هذه الألفاظ لفظ (لمؤثر كذا) ، انظر نهاية السول ٤/٦٠-٦٢.
٣ انظر المحصول كما سبق.
٤ انظر ص (خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.) في الظني المقارب للقطعي، وص (خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.) ، نُقض مذهب الحنفية في التفريق بالقطعية بين الفرض والواجب بأحكام سميت فرضا ولم تثبت بدليل قاطع، فحمل الشيخ ابن عابدين ذلك على أن تلك الأحكام ثبتت بدليل من مرتبة الظني القوي المقارب للقطعي.
فحاصل ما ذكر في هذه الرتبة ثلاثة أمور: أولها أنه دليل بين الظني المطلق والقطعي المطلق قريبا من القطعية، وثانيها أنه يثبت به الفرض العملي عند الحنفية على ما ذكره الشيخ ابن عابدين، وثالثها أنه يثبت به عند فخر الدين الرازي مسلك (النص الظاهر جدا) ، من مسالك العلة، وقد يكون منها الخبر المشهور على ما حمله عليه بعض أهل العلم رحمهم الله، والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>