للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاحتمالات العقلية في دلالتها على قطعية الإجماع مع حجيته إلى بعض منها منفردة أو بالنسبة لمستدل بها - فإنها تأبى الاحتمال بمجموعها عند من حققها واطلع على مجموعها وأخذ بها مع كافة قرائن القطعية.

وهذا أصل عظيم في وجه دلالة هذه النصوص من القرآن والسنة على قطعية الإجماع مع حجيته، وهو مبني على تتبع وراثة النبوة التي تلقاها السلف من الصحابة - رضي الله عنهم - فمن بعدهم ممن نهج منهجهم قرنا بعد قرن - رحمة الله عليهم- في مسائل الدين وطرق الاستدلال عليها وكيفية استفادة العلم واليقين فيها، فكل ذلك يدل على أن ما عليه أمر المسلمين جميعا من أمور الدين هو الحق قطعا وأنه لا تجوز مخالفته.

وقد بالغ بعض علماء أصول الفقه في الرد على دعوى الرازي عدم قطعية الإجماع، وأن سببها عدم الالتفات إلى هذا الأصل.

قال التبريزي١ إشارة إلى أحد الأسئلة التي أوردها الرازي على حجية الإجماع: "أما السؤال الرابع عشر فقد انقاد له المصنف وكاع٢


١ هو مظفر بن أبي الخير (وقيل أبي محمد) بن إسماعيل أبو سعد أمين الدين التبريزي، فقيه أصولي، من تصانيفه: تنقيح المحصول وهو اختصار المحصول للرازي، والمختصر، وسمط الفرائد كلاهما في الفقه. انظر طبقات الشافعية لابن السبكي٨/٣٧٣-٣٧٤ والأعلام ٨/١٦٥-١٦٦.
٢ قال ابن دريد في جمهرة اللغة (١/١١٣) : "كَعَّ عن الشيء فهو يكَعُّ كعوعا: إذا ارتد عنه هيبة، ولا يقال: كاع، وإن كانت العامة قد أولعت به"، وانظر معجم مقاييس اللغة ٥/١٢٩، أما الجوهري فقال في الصحاح (٣/١٢٧٨) : "كِعْت عن الشيء أكيع وأكاع لغة في كعَعْت عن الأمر أكِعُّ: إذا هبته وجبنت"، فالوارد في كلام التبريزي جائز عند الجوهري وهو من عبارات العامة التي لا يجوز استعمالها عند ابن دريد وفيما نقله ابن فارس.

<<  <   >  >>