للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى القول بجواز التفاوت في القطعيات يتفرع جواز الترجيح في القواطع، قال الزركشي في البحر المحيط١: "ولهذا يجد الإنسان تفرقة بين علمه بأن الواحد نصف الاثنين وأن الكل أعظم من الجزء وبين علمه ثبوت الجوهر الفرد والخلاء٢ وغيرها من المسائل النظرية اليقينية مع أن كل واحد يقين".

والذي يظهر أنه لا يمكن أن تتعارض القواطع ويكون تعارضهما في واقع الأمر، أما ما كان من القواطع مبنيا على نظر المستدل في قرائن القطعية


١ ١/٦٥.
٢ أما الجوهر الفرد فقال الشهرستاني في نهاية الإقدام ص٥٠٥-٥١١: "الجسم ينتهي بالتجزئة إلى حد لا يقبل الوصف بالتَجَزِّئ، ويسميه المتكلمون جوهرا فردا، وصارت الفلاسفة إلى أنه لا ينتهي إلى حد لا يقبل الوصف بالتجزئ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (١/١٥٨-١٥٩) : "وحتى أذكياء الطوائف كأبي الحسين البصري وأبي المعالي الجويني وأبي عبد الله بن الخطيب حاروا في مسألة الجوهر الفرد فتوقفوا تارة، وإن كانوا قد يجزمون بها أخرى ... ".
وعلى هذا فربما لا يسلم أن ثبوت الجوهر الفرد أمر قطعي، فلا يكون التفاوت بينه وبين القطعيات وجها لجواز التعارض بين القطعيات.
أما الخلاء فقال الجرجاني في تعريفاته (ص١٠٠) : "هو البعد المفطور عند أفلاطون، والفضاء الموهوم عند المتكلمين"، أي هو ما إذا قُدِّر أن الكأس - مثلا - فارغ من شغل أي جسم له من ماء أو هواء أو غير ذلك، فالخلاء هو هذا الفراغ مع قيد ألا يشغله شاغل من الأجسام، وذكر أن الفلاسفة يقولون بامتناعه والمتكلمون يقولون بإمكانه، وانظر تعريفه في تحقيق د. حمزة زهير حافظ للمستصفى ١/١٤٥.

<<  <   >  >>