للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا: بما ورد في أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤذن لكم خياركم) (١) لكن الحديث إسناده ضعيف.

ولكن هذا أمر ظاهر فإنه أكرم عند الله ممن هو دونه – كما قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (٢) وكلما زادت هذه الصفة في العبد كلما زادت كرامته عند الله فكان أولى من غيره بالعبادة المتنازع فيها.

قال: (ثم من يختاره الجيران)

كلهم أو أكثرهم، فإن اختاروا أحد الرجلين قدم ذلك؛ لأنهم أعلم بهما من غيرهم، من حفظ عورة وقيام بالأذان على الوجه المستحق فلما كان كذلك رُجع بالأمر إليهم مما اختاره الجيران بالمرتبة الثالثة.

فنقدم: الأكمل في صفات الأذان ثم الأتقى ثم من يختاره الجيران، ثم بعد ذلك القرعة.

قال: (ثم قرعة)

ودليلها ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليهما لاستهموا) (٣) فهذا فيه إثبات القرعة.

ومن القواعد الشرعية أنه متى ثبت التنازع في شيء ما وليس ثمت مرجح وازدحمت فإنه يقدم من قدمته القرعة فهنا كذلك، فقد اختلفوا في الأذان ولا مرجح لأحدهما على الآخر فلم يكن ثمت مرجوع إليه سوى القرعة التي ثبت بها حكم الله تعالى.

قال: (وهو خمس عشرة جملة)

وهو: أي الأذان.


(١) لم أجده في باب بدء الأذان في سنن أبي داود، بل أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، آخر حديث في باب (١٦) من أحق بالإمامة (٥٩٠) قال: " حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن عيسى الحنفي، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم) ، وأخرجه ابن ماجه (٧٢٦) .
(٢) سورة الحجرات.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان (٦١٥) ، وفي باب الصف الأول (٧٢١) مختصرا، وأخرجه مسلم (٤٣٧) .