للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذن: جاحد فريضة الصلاة كافر بالإجماع فمن أنكر وجوب الصلاة فقد كفر وإن صلى.

قال: (وكذا تاركها تهاوناً)

فمن ترك الصلاة كسلاً تهاوناً فهو كافر أيضاً - وهذا هو مذهب الحنابلة – خلافاً لمذهب المالكية والأحناف والشافعية فإنهم قالوا: إن تارك الصلاة غير الجاحد لوجوبها لا يكفر وإن تركها مطلقاً.

واستدل الحنابلة – وهو مذهب جمهور السلف، وممن ذهب إليه إسحاق وابن المبارك -:

١- بقول الله تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} (١) فدل ذلك على أنهم إن لم يفعلوا ذلك فليسوا بإخوان لنا في الدين، والأخوة الدينية لا تنفى إلا مع الكفر بدليل أن الله تعالى أثبتها مع قتل النفس قال تعالى: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} (٢)

فإن قيل فلم لا تكفرون تارك الزكاة؟

فالجواب:

عن الإمام أحمد رواية أخرى بتكفير تارك الزكاة.

والمشهور في المذهب: أنه لا يكفر – وهذا هو الراجح – فعلى هذا ما الجواب؟

الجواب أن يقال: إن أدلة أخرى دلت على استثناء غير المؤدي للزكاة من نفي الأخوة، من قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم يرى مقعده إن شاء في الجنة وإن شاء في النار) (٣) فهذا يدل على أن تارك الزكاة لا يكفر.

إذن: هذه الآية تدل – سوى تارك الزكاة فإن الدليل الشرعي قد دل على استثنائه وسوى ذلك - فإنه يكفر، {فإن تابوا} من الكفر والشرك {وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} .

٢- واستدلوا بما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) (٤) .


(١) سورة التوبة.
(٢) سورة البقرة.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (٩٨٧) ، وانظر تفسير ابن كثير [٢ / ٣٣٧] .
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، وقد تقدم صْ ٩.