الأفضل له ألا يركب بل يستحب أن يمشي في الذهاب، وأما في الإياب فلا بأس بالركوب، فقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها فلما انصرفوا أتى بها فركبها فسئل عن ذلك فقال: إن الملائكة كانت تمشي مع الجنازة فلم أكن لأركب وهم يمشون فلما ذهبوا ركبت) (١) .
لكن إن كان في ذهابه مشقة أو كانت الجنازة لا تحمل بالأيدي بل على الرواحل فلا بأس أن يركب.
أما إذا كان موضع دفن الجنازة قريب وحملوها بأيديهم فيستحب ألا يركب، لكن إن ركب - وذلك جائز له -، فإنه يمشي خلفها.
قال: (ويكره جلوس تابعها حتى توضع)
هنا ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن تمرَّ الجنازة.
الصورة الثانية: أن يتبعها.
الصورة الثالثة: أن يسبقها فيأتي قبل أن تأتي الجنازة.
أما الصورة الأولى: وهي عند مرور الجنازة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لما مر بجنازة يهودي قام فسئل عن ذلك فقال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا) (٢) متفق عليه.
قال الحنابلة وغيرهم: هذا الحديث منسوخ بما ثبت في مسلم عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم: (قام ثم قعد) (٣) ، وفي مسند أحمد بإسناد صحيح: (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام للجنازة ثم جلس وأمرنا بالجلوس) (٤) .
فقالوا: كان ذلك مستحباً ثم نسخ فالمستحب له ألا يقوم.
ومثل ذلك: الصورة الثالثة: وهي فيما إذا سبق الناس إلى المقبرة ثم أتى الناس بالجنازة فلا يستحب له أن يقوم بل يبقى جالساً، وقد روى ذلك الترمذي عن طائفة من الصحابة، وهذا نظير المسألة السابقة لأنه ليس متبع لها فهو في حكم من مرت عليه الجنازة.
أما الصورة الثانية: وهي من اتبعها.
فالمشهور في مذهب الحنابلة – أنه يستحب له أن يقوم فلا يجلس حتى توضع على الأرض.
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب (٤٨) الركوب في الجنازة (٣١٧٧) .