للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد له ما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلى على أهل أحد صلاته على الميت كالمودع للأحياء الأموات) (١) – كما رواه البخاري – على ظاهره في أن المقصود الصلاة على الميت كالصلاة على الجنازة وكان ذلك بعد ثماني سنوات ولا مانع من ذلك فإن المقصود من الصلاة هو الدعاء للميت، فسواء كان ذلك بعد شهر أو سنة أوسنتين أو أكثر من ذلك.

لكن بشرط:

١ - أن يكون ممن هو أهل للصلاة أثناء موته.

٢- وأن يكون غير مفرط في ترك الصلاة عليه.

فمثلاً: رجل قدم من سفر فعلم بموت فلان ولم يكن مفرطاً لأنه كان مسافراً فله أن يصلي على قبره.

وكونه أهل للصلاة: بأن يكون مكلفاً، أو مميزاً تصح الصلاة منه.

وإلا فإنه لم يرد عن التابعين أو أتباعهم أنهم صلوا على أحد من الصحابة رضي الله عنهم، فيدل ذلك على أنه ليس مطلقاً بل هو حيث كان أهلاً للصلاة ولم يقع منه تفريط كما تقدم.

قال: (وعلى غائب بالنية إلى شهر)

والمراد بالغائب أن يكون في بلد أخرى، وليس المراد من كان في طرف البلد مما يتمكن أن يصلى عليه صلاة الغائب (٢) .

فيشرع صلاة الغائب مطلقاً سواء صلي عليه في بلده أم لم يصل عليه كما هو المشهور في المذهب.

واستدلوا بحديث أبي هريرة المتفق عليه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه فخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً) (٣) .

واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وهو قول الخطابي وابن عبد القوي من الحنابلة وغيرهم: أنه لا يشرع ذلك إلا إذا لم يصل عليه في بلده.

فإذا لم يصل عليه في بلده شرع أن يصلى عليه في غير بلده ممن بلغه خبره من المسلمين.


(١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب (٧٣) الصلاة على الشهيد (١٣٤٤) ، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب (٩) إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته (٢٢٩٦) .
(٢) كذا في الأصل.
(٣) متفق عليه، وقد تقدم.