للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التركمان الذين استولوا عليها في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، كما ذكر ابن الأثير١ وغيره.

ورأيت في تاريخ ابن الأثير أن هؤلاء التركمان طلبوا من ابن أبي هاشم أموال الكعبة التي أخذها، وأنهم نهبوا مكة، وكانت فتنة عظيمة٢ ... انتهى بالمعنى.

وهو أول من أعاد الخطبة العباسية بمكة، بعد قطعها من الحجاز نحو مائة سنة، ونال بسبب ذلك مالا عظيما من السلطان "ألب أرسلان" السلجوقي؛ فإنه خطب له بمكة بعد القائم الخليفة العباسي، وصار بعد ذلك يخطب حينا للمقتدي عبد الله بن محمد الذخيرة ابن القائم عبد الله العباسي، وحينا للمستنصر العبيدي صاحب مصر، ويقدم في ذلك من تكون صلته أعظم، ولعل ذلك من سبب إرسال التركمان إليه. وذكر شيخنا ابن خلدون أن مدة إمرته على مكة ثلاثون سنة، وأنه ملك المدينة، والله أعلم بذلك. وقد بالغ ابن الأثير في ذم ابن أبي هاشم هذا؛ لأنه قال -لما ذكر وفاته: ولم يكن له ما يمدح به ... انتهى. ولعل ذلك لنهبه الحاج في سنة ست وثمانين، وقتله منهم خلقا كثيرا، على ما ذكر ابن الأثير، ولأخذه لحلي الكعبة في سنة اثنتين وستين٣ والله أعلم.

وولي مكة بعده: ابنه قاسم بن محمد مدة يسيرة.

ثم وليها بعده، أصبهبذ بن سرتكين٤؛ لأنه في هذه السنة استولى على مكة عنوة. وهرب منها قاسم المذكور، وأقام به أصبهبذ إلى شوال سنة سبع وثمانين، ثم إن قاسما جمع عسكرا، وكسر أصبهبذ بعسفان؛ فانهزم أصبهبذ ومضى إلى الشام، ودخل قاسم مكة٥، ودامت ولايته عليها فيما علمت حتى مات سنة ثمان عشرة وخمسمائة، هكذا ذكر وفاته ابن الأثير وغيره. ووجدت بخطي فيما نقلته من "تاريخ الإسلام" للذهبي أنه توفي سنة ثمان عشرة، ووجدت ذلك بخطي أيضا فيما نقلته من تاريخ شيخنا ابن خلدون٦. وقال شيخنا ابن خلدون: في ترجمته: واستمرت إمرته ثلاثين سنة على الاضطراب ... انتهى.


١ الكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٠٠، إتحاف الورى ٢١/ ٤٨٥، العقد الثمين ١/ ٤٤٢.
٢ الكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٢٥.
٣ الكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٣٩، دول الإسلام ٢/ ١٥، إتحاف الورى ٢/ ٤٨٦، النجوم الزاهرة ٥/ ١٣٨.
٤ هكذا في النجوم الزاهرة ٢/ ٤٨٧.
٥ إتحاف الورى ٢/ ٤٨٧، الكامل لابن الأثير ١٠/ ٣٢٩، العقد الثمين ١/ ٤٣٩.
٦ ذكر ابن الأثير ١٠/ ٦١٧، وفاته في سنة "٥١٧هـ" وقيل: فيها أو التي بعدها، إتحاف الورى ٢/ ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>