والثالث: فضيحته , وهو قول الزجاج. {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} فيه قولان: أحدهما: لم يطهرها من الضيق والحرج عقوبة لهم. والثاني: لم يطهرها من الكفر. قوله تعالى:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} فيه أربعة تأويلات. أحدهما: أن السحت الرشوة , وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنه الرشوة فى الحكم , وهو قول علي. والثالث: هو الاستعجال فى القضية , وهو قول أبي هريرة. والرابع: ما فيه الغارّ من الأثمان المحرمة: كثمن الكلب , والخنزير , والخمر وعسب افحل , وحلوان الكاهن. وأصل السحت الاستئصال , ومنه قوله تعالى:{فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ} أي يستأصلكم , وقال الفرزدق:
(وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتاً أو مجلف)
فسمي سحتاً لأنه يسحت الدين والمروءة. {فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَْعْرِضْ عَنْهُمْ} فيمن أريد بذلك قولان: أحدهما: اليهوديان اللذان زنيا خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهما بالرجم أو يدع , وهذا قول الحسن , ومجاهد , والزهري. والثاني: أنها في نفسين من بني قريظة وبني النضير قتل أحدهما صاحبه فخّير رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احتكامهما إليه بين أن يحكم بالقود أو يدع , وهذا قول قتادة.