للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْمُعَطِّلَةِ، وَانْبَثُّوا فِي الْمَخَالِيفِ وَالْبِلَادِ، وَشَمَّرُوا لِدَعْوَةِ الْعِبَادِ، إِلَى الِانْسِلَاخِ عَنْ مَنَاهِجِ الرَّشَادِ، وَاسْتَنَدُوا إِلَى طَوَائِفَ مِنَ الْمَرْمُوقِينَ الْمُغْتَرِّينَ، وَأَضْحَى أُولَئِكَ عَنْهُمْ ذَابِّينَ، وَلَهُمْ مُنْتَصِرِينَ.

وَصَارَ الْمُغْتَرُّونَ بِأَنْعُمِ اللَّهِ، وَتُرْفَةِ الْمَعِيشَةِ، يَتَّخِذُونَ فُكَاهَةَ مَجَالِسِهِمْ، وَهُزْوَ مَقَاعِدِهِمْ - الِاسْتِهَانَةَ بِالدِّينِ، وَالتَّرَامُزَ وَالتَّغَامُزَ بِشَرِيعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَدَّى أَثَرُ مَا يُلَابِسُونَهُ إِلَى أَتْبَاعِهِمْ، وَأَشْيَاعِهِمْ مِنَ الرِّعَاعِ الْمُقَلِّدِينَ، وَفَشَا فِي عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ شَبَهُ الْمُلْحِدِينَ، وَغَوَائِلُ الْجَاحِدِينَ، وَكَثُرَ التَّخَاوُضُ وَالتَّفَاوُضُ فِي مَطَاعِنِ الدِّينِ.

٥٤٥ - وَمِنْ أَعْظَمِ الْمِحَنِ، وَأَطَمِّ الْفِتَنِ فِي هَذَا الزَّمَنِ، انْحِلَالُ عِصَامِ التَّقْوَى عَنِ الْوَرَى، وَاتِّبَاعُهُمْ نَزَعَاتِ الْهَوَى، وَتَشَوُّفُهُمْ إِلَى الِاسْتِمْسَاكِ بِحُطَامِ الْمُنَى، وَعُرُّوُهُمْ عَنِ الثِّقَةِ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فِي الْعُقْبَى، وَاعْتِلَاقُهُمْ بِالِاعْتِيَادِ الْمَحْضِ فِي مَرَاسِمِ الشَّرِيعَةِ تُسْمَعُ وَتُرْوَى، حَتَّى كَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ أَسْمَارٌ تُحْكَى وَتُطْوَى، وَهُمْ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ مِنَ الرَّدَى.

فَإِذَا انْضَمَّ إِلَى مَا هُمْ مَدْفُوعُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْبَلْوَى، دَعْوَةُ

<<  <   >  >>