للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب من التعقيب لكان أقرب إلى المراد من غيره، وإني لأميل إليه وأرتضيه١.

والجواب عما يرد عليه ممكن والله أعلم.

وقيل: يجوز أن يكون مراده أن ذلك باعتبار وصفين مختلفين وهما الإسناد والحكم، فيجوز أن يكون قوله حسن أي باعتبار إسناده، صحيح أي باعتبار حكمه٢، لأنه قبيل المقبول يجوز أن يطلق عليه اسم الصحة.

وهذا يمشي على قول من لا يفرد الحسن من الصحيح، بل يسمي الكل صحيحا، لكن يرد عليه ما أوردناه أولا من أن الترمذي أكثر من الحكم بذلك على الأحاديث الصحيحة الإسناد.

واختار بعض من أدركنا أن اللفظين عنده مترادفان، ويكون إتيانه باللفظ الثاني بعد الأول على سبيل التأكيد. كما يقال صحيح ثابت أو جيد قوي أو غير ذلك.

وهذا قد يقدح فيه القاعدة بأن الحمل على التأسيس خير من الحمل على التأكيد؛ لأن الأصل عدم التأكيد، لكن قد يندفع القدح بوجود القرينة الدالة على ذلك.

وقد وجدنا في عبارة غير واحد كالدارقطني: هذا حديث صحيح ثابت.

وفي الجملة أقوى الأجوبة ما أجاب به ابن/ (?٦٦/ب) دقيق العيد٣، والله أعلم.


١ كيف يميل إليه الحافظ ويرتضيه مع أنه يرد عليه ما ذكر، ومع أنه يتوقف على اعتبار الأحاديث التي جمع الترمذي فيها بين الوصفين ... الخ كما يقول، فهذه المبادرة إلى ارتضاء هذا الرأي مع ما يرد عليه وقبل الاعتبار المذكور غريبة من الحافظ.
٢ كلمة "حكمه" من (ي) وفي باقي النسخ "كونه" وهو خطأ يفسد الكلام. وقد نقل هذا الكلام الصنعاني في توضيح الأفكار ١/٢٤٢.
٣ يعني قوله: "أن قصور الحسن عن الصحيح إنما يجيء إذا اقتصر على الحسن أما إذا جمع بينهما فلا قصور حينئذ وبيان ذلك أن للرواة صفات تقتضي قبول روايتهم، وتلك الصفات متفاوتة كالتيقظ والحفظ والإتقان مثلا ودونها الصدق وعدم التهمة بالكذب. فوجود الدرجة الدنيا كالصدق مثلا، لا ينافيه وجود ما هو أعلا منه كالحفظ والإتقان، وكذلك إذا وجدت الدرجة العليا لم يناف ذلك وجود الدنيا مع الصدق، فصح أن يقال: حسن باعتبار الصفة الدنيا صحيح باعتبار الصفة العليا. ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسنا، ويلتزمه ويؤيده ورود قول المتقدمين: هذا حديث حسن في الأحاديث الصحيحة". محاسن الاصطلاح ص١١٤- ١١٥ بهامش مقدمة ابن الصلاح، والتقييد والإيضاح ص٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>