فَقَالُوا: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ، فَنَكُونَ قَدْ شَبَّهْنَاهُ بِخَلْقِهِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَخْلُو مِنْهُ سَائِرُ دَارِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩]، وَقَالَ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ}، ثُمَّ قَالَ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ} [الأنعام: ٣]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّهُ بِعِلْمِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٥٩]، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ} [فاطر: ١٠]، فَهَلْ يَكُونُ الصَّعُودُ إِلَّا إِلَى مَا عَلَا، وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute