للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّهْيَ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَى صِيغَةِ الْخَبَرِ، مَعْنَاهُ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَلا يَسْرِقُ إِذْ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَلِيقُ مِثْلُ هَذِهِ الأَفْعَالِ بِأَهْلِ الإِيمَانِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالْوَعِيدُ دُونَ حَقِيقَةِ الْخُرُوجِ عَنِ الإِيمَانِ، أَوِ الإِنْذَارُ وَالتَّحْذِيرُ بِسُوءِ الْعَاقِبَةِ، أَيْ: إِذَا اعْتَادَ هَذِهِ الأُمُورَ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَقَعَ فِي ضِدِّ الإِيمَانِ وَهُوَ الْكُفْرُ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ».

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نُقْصَانُ الإِيمَانِ، يُرِيدُ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلُ الإِيمَانِ، بَلْ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْفُجُورِ، وَبَعْدَ مَا نَزَعَ مِنْهُ وَتَابَ أَكْمَلُ إِيمَانًا مِنْهُ حَالَةَ اشْتِغَالِهِ بِالْفُجُورِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ»، يُرِيدُ: لَا إِيمَانَ لَهُ كَامِلا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ وَرَدَ مَعْنًى آخَرَ فِي تَأْوِيلِهِ مَرْفُوعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا زَنَى أَحَدُكُمْ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَلَعَ، رَجَعَ إِلَيْهِ الإِيمَانُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>