مَعَ أَحَدِهِمَا، شَيْءٌ آخَرُ، مِثْلُ أَنْ بَاعَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا بِدِينَارَيْنِ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بَاعَ دِرْهَمًا وَثَوْبًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ، لَا يَجُوزُ، لأَنَّ اخْتِلافَ الْجِنْسِ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الصَّفْقَةِ يُوجِبُ تَوْزِيعَ مَا فِي مُقَابَلَتِهِمَا عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَ التَّوْزِيعِ يَظْهَرُ الْفَضْلُ، أَوْ يُوجِبُ الْجَهْلَ بِالتَّمَاثُلِ حَالَة الْعَقْدِ، وَالْجَهْلُ بِالتَّمَاثُلِ فِي بَيْعِ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ بِمَنْزِلِ يَقِينِ التَّفَاضُلِ فِي إِفْسَادِ الْبَيْعِ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِخَيْبَرَ، بِقِلادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ، ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ تِسْعَةِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ»، وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلادَةِ، فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي جَامِعِهِ.
وَقَوْلُهُ: «حَتَّى تُفَصَّلَ» وَيُرْوَى: «حَتَّى تُمَيَّزَ» أَرَادَ بِهِ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْخَرَزِ وَالذَّهَبِ فِي الْعقدِ، لَا تَمْيِيزَ عَيْنِ الْمَبِيعِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ.
وَجَوَّزَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِذَا كَانَ الذَّهَبُ الَّذِي هِوَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنَ الذَّهَبِ مَعَ السِّلْعَةِ، وَجَعَلُوا الْفَضْلَ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْجِنْسِ، فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ أَقَلُّ أَوْ مِثْلُهُ، لَمْ يَجُزْ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا، إِلا أَنَّهُ حَدَّ الْكَثْرَةَ بِالثُّلُثَيْنِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: يَجُوزُ، سَوَاءً كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
وَهَذَا الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute