للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْفِقْهِ، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، فَالأَقْرَأُ أَوْلَى مِنَ الأَعْلَمِ بِالسُّنَّةِ، وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقِرَاءَةِ، فَالأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ، وَهُوَ الأَفْقَهُ , أَوْلَى , وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الأَفْقَهَ أَوْلَى إِذَا كَانَ يُحْسِنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَا تَصِحُّ بِهَا الصَّلاةُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إِنْ قُدِّمَ أَفْقَهُهُمْ إِذَا كَانَ يَقْرَأُ مَا يُكْتَفَى بِهِ لِلصَّلاةِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ قُدِّمَ أَقْرَؤُهُمْ إِذَا عَلِمَ مَا يَلْزَمُهُ فَحَسَنٌ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ هَؤُلاءِ الأَفْقَهَ، لأَنَّ مَا يَجِبُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ مَحْصُورٌ، وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْحَوَادِثِ غَيْرُ مَحْصُورٍ، وَقَدْ يَعْرِضُ لِلْمُصَلِّي فِي صَلاتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ صَلاتِهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ حُكْمَهُ.

وَإِنَّمَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِرَاءَةَ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يُسْلِمُونَ كِبَارًا، فَيَفْقَهُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَءُوا، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قَارِئٌ إِلا وَهُوَ فَقِيهٌ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ صِغَارًا قَبْلَ أَنْ يَفْقَهُوا، فَكُلُّ فَقِيهٍ فِيهِمْ قَارِئٌ، وَلَيْسَ كُلُّ قَارِئٍ فَقِيهًا.

فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ: «فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً» فَإِنَّ الْهِجْرَةَ الْيَوْمَ مُنْقَطِعَةً، غَيْرَ أَنَّ فَضِيلَتَهَا مَوْرُوثَةٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلادِ الْمُهَاجِرِينَ، أَوْ كَانَ فِي آبَائِهِ وَأَسْلافِهِ مَنْ لَهُ سَابِقَةٌ فِي الإِسْلامِ وَالْهِجْرَةِ، فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ لَا سَابِقَةَ لأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ وَأَسْلافِهِ، فَإِنِ اسْتَوَوْا، فَالأَكْبَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>