للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني، وبذلك يجمع بين الأحاديث والآثار الواردة في المسألة (١).

الراجح

بعد ذكر أقوال أهل العلم في المسألة وأدلتهم يظهر لي-والله أعلم بالصواب- ما يلي:

أولاً: أن الأحاديث التي يُستدل منها على الوضوء من مس الذكر أقوى وأصح وأكثر من الأحاديث التي يُستدل منها على ترك الوضوء منه.

ثانياً: إن حديث بسرة -رضي الله عنها-، كذلك حديث وطلق بن علي -رضي الله عنه- الذي

يدل على عدم الوضوء من مس الذكر- كلاهما صحيحان.

ثالثاً: إن القول بنسخ حديث طلق -رضي الله عنه- بحديث بسرة وأبي هريرة -رضي الله عنهما- احتمال (٢)، والنسخ لا يثبت بالاحتمال؛ لأن النسخ لا يصار إليه إلا بتوقيف أو اضطرار لا يمكن معه الجمع بين الأمرين، ويُعلم مع ذلك المتأخر، والجمع هنا ممكن (٣).

ثم هو احتمال ضعيف أو مردود (٤)، ويؤكد ضعف هذا الاحتمال وعدم الأخذ به أن الأئمة المتقدمين كسفيان الثوري، وابن جريج، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم ممن في طبقتهم أو قبلهم، بعضهم كان يقول بالوضوء


(١) انظر: مجموع الفتاوى ٢١/ ٢٤١؛ الشرح الممتع ١/ ٢٣٣.
(٢) انظر: إعلام العالم بعد رسوخه لابن الجوزي ص ١٢٢.
(٣) انظر: الانجاد في أبواب الجهاد لابن المناصف ١/ ٢٧؛ الشرح الممتع ١/ ٢٣٣.
(٤) راجع مناقشة وجه الاستدلال من تلك الأحاديث على النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>