ويستدل منها على النسخ: بأن حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة العرنيين يدل على جواز المثلة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل بالذين ارتدوا عن الإسلام وقتلوا راعي رسول الله، كما يدل على جوازها رواية أنس -رضي الله عنه- في قتل اليهودي رضخاً بين حجرين لما قتل جارية من الأنصار، لكن هذين الحديثين منسوخان بالأحاديث التي تدل على النهي عن المثلة؛ لأنها بعد حديث العرنيين، يدل عليه ما روي عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المثلة بعد ذلك. كما يدل عليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في النهي عن التحريق بعد الأمر به، كما سبق بيانه في المسألة السابقة، ويؤكد ذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإحسان القتلة، ونهيه عن القود إلا بالسيف. فتكون المثلة منسوخة مطلقاً سواء كانت ابتداء أم قصاصاً، ولا يقاد من القاتل بمثل ما قتل بل يقاد منه بالسيف (١).
واعترض عليه: بأن حديث: (لا قود إلا بالسيف) ضعيف، لا تقوم به الحجة، وأن
قتل القاتل بمثل ما قتل ليس مخالفاً للإحسان؛ لأن الشرع أجازه، وحديث أنس -رضي الله عنه- في قصة قتل اليهودي بالجارية يحتمل أن يكون قبل النهي
(١) انظر: شرح معاني الآثار ٣/ ١٧٩ - ١٨٥؛ أحكام القرآن للجصاص ١/ ١٩٥ - ١٩٩؛ عمدة القاري ٩/ ١٤١.