للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجوا بعد فتح مكة ثم هاجروا فإنهم يجزون ذلك عنهم عن حجة الإسلام، وليس عليهم إعادة الحج بعد الهجرة، وذلك لما يلي:

أولاً: للأدلة السابقة والتي تدل على فرض الحج على المسلمين ممن استطاع إليه سبيلاً، والأعرابي المسلم من جملتهم، مع ما في هذه الأدلة من أن الحج إنما يجب مرة واحدة في العمر.

ثانياً: ولأن أهل العلم اختلفوا في المراد بالأعرابي والهجرة في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وما في معناه؛ حيث ذهب بعضهم إلى أن المراد بالأعرابي الكافر، والمراد بالهجرة الإسلام، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فسر الإسلام باسم الهجرة. وإنما سموا مهاجرين؛ لأنهما هجروا الكفار (١).

وإذا كان المراد به أن الكافر إذا حج قبل الإسلام ثم أسلم فإن عليه حجة أخرى فهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن عند الجميع يشترط الإسلام لصحة الحج. فمن حج قبل إسلامه ثم أسلم فعليه أن يعيد الحج، ويحج بعد الإسلام إن استطاع إليه سبيلاً (٢).

ثالثاً: إنه يظهر لي-والله أعلم بالصواب- من مجموع طرق حديث


(١) فسره بذلك أبو الوليد حسان بن محمد، من ولد سعيد بن العاص، وكان إمام أهل الحديث في عصره بخراسان. انظر: الفروع ٥/ ٢١٤.
كما فسره بذلك الكاساني في البدائع ٢/ ٢٩٤.
(٢) انظر: بدائع الصنائع ٢/ ٢٩٣؛ بداية المجتهد ٢/ ٦٢٢؛ المجموع ٧/ ١٤، ١٥؛ المغني ٥/ ٦، ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>