للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراخي (١)، فهو يدل على تأخر الرخصة على الفطر بالحجامة، ولا يدل على أن هذه الرخصة كانت قبل الفتح، ورواية أنس -رضي الله عنه- الثانية تؤكد ذلك؛ حيث بينت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم بعد حديث الفطر بالحجامة، فيثبت من مجموع ذلك أن الرخصة في الحجامة للصائم جاءت متأخرة عن أحاديث الفطر بالحجامة، فتكون ناسخة لها (٢).

ب-إن القول بأن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي والحظر غير صحيح؛ لأنه قد جاء في غير ما حديث لفظ الرخصة، منها حديث: «أن الماء من الماء كانت رخصة في أول

الإسلام» (٣). مع أنه لم يتقدمه حظر (٤).

وأجيب عنه: بأن لفظ الرخصة وإن كان لا يدل في كل الحالات على أنه يتقدمه حظر، إلا أنه يدل على ذلك في الغالب، والرخصة في هذه الأحاديث من قبيل هذا الغالب؛ وقد وجد ما يؤكد ذلك؛ حيث جاء في حديث أنس -رضي الله عنه-: «ثم رخّص النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم». فدل ذلك أن هذه الرخصة بعد حظر سابق، فتكون ناسخة له (٥).

ثالثاً: -من وجوه النسخ- أن حديث أنس -رضي الله عنه- صريح في النسخ؛ حيث


(١) انظر: الواضح في أصول الفقه لابن عقيل ١/ ١١٦؛ أصول الفقه الإسلامي للزحيلي ١/ ٣٨٤.
(٢) انظر: الاعتبار ص ٣٥٤، ٣٥٥؛ عمدة القاري ٨/ ١٢٨؛ إرواء الغليل ٤/ ٧٣.
(٣) سبق تخريجه في ص ٣٨٥.
(٤) انظر: تهذيب السنن ٣/ ٢٥٣.
(٥) انظر: الاعتبار ص ٣٥٤، ٣٥٥؛ عمدة القاري ٨/ ١٢٠؛ إروء الغليل ٤/ ٧٣، ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>