للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- أن الشارع إذا أمر بشيء فإنه يقتضي أن يكون حسناً وفيه مصلحة، وإذا نهى عن شيء فإنه يقتضي أن يكون قبيحاً وفيه مفسدة. فإذا أمر بشيء ثم نهى عنه ونسخه قبل مجيء وقته وقبل التمكن منه فإنه يلزم منه اجتماع الحسن والقبح في شيء واحد في وقت واحد، وهو من المحال، ويصير بمعنى البداء وهو لا يجوز على الله تعالى (١).

واعترض عليه بما يلي:

١ - بأن هذا نوع من النسخ وليس من البداء في شيء، وقد سبق ما يفرق به بين النسخ والبداء، ومن جعل هذا بداء فقد جعل النسخ كله بداء ولا فرق؛ لأن ما دخلوه في نسخ الشيء قبل أن يعمل به، راجع عليهم في نسخه بعد أن يعمل به. ثم يقال: إن ما قلتم كان يصح أن لو كان المقصود من الأمر بالفعل الإتيان بالمأمور به فقط، لكن الأمر ليس كذلك، بل المقصود بالأمر يكون أحياناً الإتيان بالمأمور به، وأحياناً إنما يؤمر بالفعل لحكمة تنشأ من نفس الأمر، من الابتلاء، والانقياد، والعزيمة على الفعل، واعتقاد وجوبه، وهذا يجوز نسخه

قبل التمكن منه وقبل العمل به (٢).


(١) انظر: أصول فخر الإسلام مع شرحه كشف الأسرار ٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦؛ أصول السرخسي ٢/ ٦٣؛ قواطع الأدلة ١/ ٤٣١؛ مناهل العرفان ٢/ ٢٤٩.
(٢) انظر: الإحكام لابن حزم ١/ ٥١٢؛ أصول السرخسي ٢/ ٦٤ - ٦٥؛ شرح العقيدة الأصفهانية ص ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>