للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى عَن الرِّضَا - رَحمَه الله - أَنه قَالَ: من شبه الله بخلقه فَهُوَ مُشْرك، وَمن نسب إِلَيْهِ مَا نهى عَن فَهُوَ كَافِر. وروى عَن بعض أَصْحَابه أَنه قَالَ: دخلت عَلَيْهِ بمرو فَقلت لَهُ: يَا بن رَسُول الله، روى لنا عَن الصَّادِق - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: لَا جبر وَلَا تَفْوِيض، أَمر بَين أَمريْن فَمَا مَعْنَاهُ؟ قَالَ: من زعم أَن الله يفعل أفعالنا ثمَّ يعذبنا فقد قَالَ بالجبر، وَمن زعم أنالله فوض أَمر الْخلق والرزق إِلَى خلقه، فقد قَالَ بالتفويض وَالْقَائِل بالجبر كَافِر، وَالْقَائِل بالتفويض مُشْرك. فَقلت: يَا بن رَسُول الله؛ فَمَا أَمر بَين أَمريْن؟ قَالَ: وجود السَّبِيل إِلَى إتْيَان مَا أمروا بِهِ وَترك مَا نهوا عَنهُ. وَقَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: " فاصفح الصفح الْجَمِيل " - قَالَ: عفوٌ بِغَيْر عتاب. وَفِي قَوْله: " خوفًا وَطَمَعًا " خوفًا للْمُسَافِر وَطَمَعًا للمقيم. وَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: يَا أَبَا الْحسن؛ أَخْبرنِي عَن جدك عَليّ بن أَب يُطَالب بِأَيّ وجهٍ هُوَ قسيم الْجنَّة وَالنَّار؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، ألم ترو عَن أَبِيك عَن آبَائِهِ عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " حب عَليّ إيمانٌ وبغضه كفرٌ ". فَقَالَ: بلَى. قَالَ الرِّضَا: فَقَسمهُ الْجنَّة وَالنَّار إِذا كَانَت على حبه وبغضه فَهُوَ قسيم الْجنَّة وَالنَّار. فَقَالَ الْمَأْمُون: لَا أبقاني الله بعْدك يَا أَبَا الْحسن، أشهد أَنَّك وَارِث علم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ: فَلَمَّا رَجَعَ الرِّضَا إِلَى منزله أَتَيْته فَقلت: يَا بن رَسُول الله مَا أحسن مَا أجبْت بِهِ أُمِّي رالمؤمنين! فَقَالَ: يَا أَبَا الصَّلْت، إِنَّمَا كَلمته من حَيْثُ هُوَ، لقد سَمِعت أبي يحدث عَن آبَائِهِ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَليّ، أَنْت قسيم الْجنَّة وَالنَّار يَوْم الْقِيَامَة، تَقول للنار هَذَا لي وَهَذَا لَك ". وَدخل عَلَيْهِ بخراسان قومٌ من الصُّوفِيَّة، فَقَالُوا لَهُ: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون نظر فِيمَا ولاه الله من الْأَمر فرآكم - أهل الْبَيْت - أولى اناس بِأَن تؤموا النَّاس، وَنظر فِيكُم - أهل الْبَيْت - فرآكم أولى النَّاس بِالنَّاسِ، فَرَأى أَن يرد هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>