للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد، وَالْعَبَّاس بن مُحَمَّد عَم أَبِيه، وَعبد الصَّمد عَم جده. وَيُقَال: إِن أم عبد الصَّمد هِيَ كَثِيرَة الَّتِي يَقُول فِيهَا ابْن قيس الرقيات: عَاد لَهُ من كَثِيرَة الطَّرب ... وَمن الاتفاقات العجيبة، مَا كَانَ من المعتصم وَإِبْرَاهِيم بن الْمهْدي. قَالَ الصولي: لَا نَعْرِف خَليفَة قبل يَد خَليفَة ثمَّ قبل ذَلِك الْخَلِيفَة بِعَيْنِه يَده، إِلَّا مَا كَانَ من فعل المعتصم بإبراهيم ثمَّ فعل إِبْرَاهِيم بالمعتصم. وحدّث قَالَ: كَانَ المعتصم فِي فتْنَة الْأمين يمْضِي مَعَ عَليّ بن الْجُنَيْد إِلَى إسكاف فيقيم عِنْده، وَلَا يقصر عَليّ فِي خدمته وإكرامه وَالنَّفقَة عَلَيْهِ. وَكَانَ عَليّ أَكثر النَّاس مزاحا، واحسنهم كلَاما. فآذاه المعتصم فِي شَيْء فَقَالَ عَليّ: وَالله لَا تفلح أبدا - على المزح - فحفظها المعتصم، فَلَمَّا دخل بَغْدَاد خَليفَة، أَمر وصيفاً بإحضار عليّ، فأحضروه، وَكَانَ عدوّاً للفضل بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ: يَا عليّ، زعمت أَنِّي لَا أَفْلح أبدا، هَل بعد هَذَا الْفَلاح شَيْء من أَمر الدُّنْيَا؟ فَقَالَ لَهُ: الَّذِي أَفْلح عِنْدِي الْفضل بن مَرْوَان، فَضَحِك المعتصم - وَكَانَ يَقُول: من ذَلِك الْيَوْم اعتقدت أَن أنكب الْفضل - ثمَّ قَالَ: يَا عليّ، أَتَذكر حَيْثُ وقفت لإِبْرَاهِيم بن الْمهْدي بمرّبعة الخرسيّ فَنزلت فقبّلت يَده، ثمَّ أدنيت ابْني هَارُون فقبّل يَده، وَقلت: عَبدك هَارُون ابْني، فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم؟ قَالَ عليّ: أذكر لَك. قَالَ: فَإِنَّهُ ترجّل لي الْيَوْم وقبّل يَدي فِي ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه، ثمَّ قَالَ لي: عَبدك هبة الله ابْني، وَأَدْنَاهُ وقبّل يَدي، فَأمرت لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم، وَلم تطب لَهُ نَفسِي بغَيْرهَا. فَقَالَ: بئس وَالله مَا فعل أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: وَكَيف؟ وَيلك! قَالَ: إِبْرَاهِيم أَمر لهارون بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَلَيْسَ فِي يَده إِلَّا بَغْدَاد وَحدهَا. وَفِي يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ الشرق والغرب. قَالَ: صدقت، أَعْطوهُ عشرَة آلَاف دِينَار. وفرّق المعتصم فِي أَهله ثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم. دخل إيتاخ إِلَى الواثق وَهُوَ بآخر رَمق لينْظر هَل مَاتَ أم لَا، فَلَمَّا دنا مِنْهُ نظر إِلَيْهِ الواثق بمؤخر عينه فَفَزعَ إيتاخ وَرجع الْقَهْقَرِي إِلَى أَن وَقع سَيْفه فِي ملبن الْبَاب فاندق، وَسقط إيتاخ على قَفاهُ هَيْبَة لنظرة الواثق. قيل: فَلم تمض

<<  <  ج: ص:  >  >>