للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلف أَعْرَابِي بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله أَلا يكلم ابْنه فحضرته الْوَفَاة فَقيل لَهُ: كَلمه قبل أَن تفارق الدُّنْيَا. قَالَ: وَالله مَا كنت قطّ أعجز عَن الْمَشْي إِلَى بَيت الله منى السَّاعَة. قَالَ عبد الْملك لأعرابي: تمن. قَالَ: الْعَافِيَة. قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: رزق فِي دعة. قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ الخمول، فَإِنِّي رَأَيْت الشَّرّ إِلَى ذَوي النباهة أسْرع. قيل لأعرابي من بني يَرْبُوع: مالكم على مِثَال وَاحِد؟ قَالَ: لأَنا من بني فَحل وَاحِد. ذمّ أَعْرَابِي رجلا فَقَالَ: عَلَيْهِ كل يَوْم قسَامَة من فعله تشهد عَلَيْهِ بِفِسْقِهِ وشهادات الْأَفْعَال، أعدل من شَهَادَات الرِّجَال. وَذكر آخر رجلا بالعي فَقَالَ: رَأَيْت عورات النَّاس بَين أَرجُلهم وعورة فلَان بَين فَكَّيْهِ. وَقَالَ آخر لرجل دَفعه: لتجدني ذَا منْكب مزحم، وركن مدعم، وَرَأس مصدم، ولسان مرجم وَوَطْء ميثم. قَالَ الْأَصْمَعِي: نظر أَعْرَابِي إِلَى الْهلَال فَقَالَ: لَا مرْحَبًا بك عقفان يحل الدّين، وَيقرب الْآجَال. قيل لأعرابي: مَا تلبس؟ فَقَالَ: اللَّيْل إِذا عسعس، وَالصُّبْح إِذا تنفس. سُئِلَ أَعْرَابِي عَن ألوان الثِّيَاب فَقَالَ: الصُّفْرَة أشكل والحمرة أجمل والخضرة أنبل والسواد أهول وَالْبَيَاض أفضل. وصف أَعْرَابِي الْكتاب، وَقد دخل الدِّيوَان فَرَآهُمْ فَقَالَ: أَخْلَاق حلوة وسمائل معشوقة ووقار أهل الْعلم وظرف أهل الْفَهم فَإِن سبكتهم وَجَدتهمْ كالزبد يذهب جفَاء. وذم أَعْرَابِي رجلا فَقَالَ: عبد الْبدن، خَز الثِّيَاب، عَظِيم الرواق، صَغِير الْأَخْلَاق، الدَّهْر يرفعهُ وهمته تضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>