للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعسكره، وَإِن جَاءَكُم عمر بن عبيد الله أَتَاكُم شجاعٌ بَطلٌ، فارسٌ، يُقَاتل لدينِهِ، ولملكه، وبطبيعة لم أرَ مثلهَا لأحد، فقد شهدتُه فِي وقائع فَمَا نُودي فِي الْقَوْم لِحَرْب إِلَّا كَانَ أولَ فَارس يطلع حَتَّى يشدِّ على قِرنْه فيضربه. وإنْ ردّ الْمُهلب فَهُوَ مَنْ قد عرفتموه، إِن أخذْتم بطرَف ثوب أخَذَ بطرفه الآخر، ويمدُّه إِذا أرسلْتموه، ويرسله إِذا أمْددتموه. لَا يبدؤكم إِلَّا أَن تبدءوه، وَإِلَّا أَن يرى فرْصَة فينتهزَها، فَهُوَ اللَّيْث المبرُّ، والثعلب الرواغ، وَالْبَلَاء الْمُقِيم. وَلما قُتل مُصعب أَتَى الْخَبَر الخوارجَ ولمْ يأْت المهلَّبَ وأصُحابه، فتواقفوا يَوْمًا على الخَنْدَق، فناداهم الْخَوَارِج: مَا تَقولُونَ فِي المُصعب؟ فَقَالُوا: إِمَام هدي: قَالوا: فَمَا تَقولُونَ فِي عبْد الْملك؟ قَالُوا: ضَالُّ مُضل. فَلَمَّا كَانَ بعدَ يَوْمَيْنِ أَتَى الْمُهلب قتلُ المصعَب، وأنَّ النَاسَ قدْ اجْتَمعُوا على عبد الْملك ووردَ عَلَيْهِ كتاب عبد الْملك بولايته. فَلَمَّا تواقفوا نَاداهمُ الْخَوَارِج مَا تقولونَ فِي مصْعب؟ قَالُوا: لَا نخبركمْ. قَالُوا: فَمَا تقولونَ فِي عبد الْملك قَالُوا: إِمَام هُدى. قَالُوا: يَا أعْداءَ الله، بالأمْس ضالٌّ مُضل، واليومَ إِمَام هدي. يَا عَبيدَ الدُّنْيا عليْكمْ لعنة الله. أَتَى الْحجَّاج بأمْرأة منَ الْخَوَارِج فجَعلَ يكلِّمها، وَهِي مُعْرضةٌ عنْه فقالَ لَهَا بعْض الشُّرط: يكلمكِ الْأَمِير وأنْت معُرضةٌ عنْه؟ قَالَت إِنِّي لأَسْتَحي من الله أَن أنظر إِلَى من لَا ينظر إِلَيْهِ أَتَى زِيَاد بِامْرَأَة مِنْهُم فَقَالَ: أما وَالله لأحصدنكم حصداً ولأخفينكم عدا قَالَت: كلا إِن الْقَتْل ليزرعنا قَال: فَلَمَّا هَمَّ بقَتْلها تسترَتْ بثوبْهَا فقالَ: اتَتسْترينَ - وَقد هَتَكَ الله ستْرَك؟ قالَتْ: أَي وَالله أَتَستر وَلَكِن الله أبدى عورةَ أمكَ على لسَانك، إذْ أقرَرْتَ أنَّ أبَا سفْيَانَ زَنَى بهَا، فأمَرَ بقَتْلهَا. وَقَالَ الحجَّاج لرَجل منْهمِ: أجَمعْتَ القرآنَ؟ فَقَالَ: أمَتفرِّقاً كَانَ فأجمَعه قالَ: أتقرؤه ظَاهرا قالَ: بَلْ أقرؤه وَأَنا أبْصره. قَالَ أفتحفظه؟ قالَ: أخَشيت فراره فأحْفَظه. قَالَ: مَا تَقول فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ عَبدْ الْملك؟ قَالَ: لعَنه الله، ولَعَنكَ مَعَه. قالَ،: إنكَ مقْتولٌ. وكيْفَ تلْقَى الله؟ قالَ: أَلْقَاهُ بعَملي وتلْقَاه بدمي. كَانَ عمْران بن حطَّان منْ أقُبح النَّاس وجْهاً، وأسْمَجهم منْظرًا، وكانتْ لَهُ امرأةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>