= وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "الَّلهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ".
قال شيخنا: وعلى هذا القول جل الصحابة وأكثر العلماء، منهم الأئمة الأربعة. وحكى غير واحد عليه الإِجماع. ا. هـ. محل الغرض منه.
أما دليل المخالف فهو الاحتجاج بأربعة أحاديث هي:
١ - حديث ركانة بن عبد يزيد؛ أنه طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ طَلَّقْتَهَا"؟ قال: ثلاثًا في مجلس واحد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْتَجِعْهَا إِنْ شِئْتَ". فارتجعها.
والجواب عن هذا الحديث منه؛ أنه لا دلالة فيه مطلقًا على محل النزاع - على فرض صحته - لأن لفظ المتن أنه وقعت الطلقات الثلاث منه في مجلس واحد، ولا شك أن كونها في مجلس واحد لا يلزم منه أنها بلفظ واحد، بل الدلالة من الحديث أظهر في كونها ليست بلفظ واحد؛ إذ لو كانت بلفظ واحد لبين ذلك وترك ذكر المجلس. إذًا لا داعي لترك الأخص والتعبير بالأعم بدون موجب كما ترى. وعليه، فإن هذا الدليل مقدوح فيه بالقادح المعروف عند أهل الأصول بالقول بالموجب، وبيان ذلك أننا نقول: سلمنا أن الطلقات حصلت منه في مجلس واحد، ولكن من أين لك أنها بلفظ واحد؟.
هذا على فرض صحة حديث ركانة هذا، علمًا بأنه من رواية داود بن الحصين عن عكرمة، وقد قال الحافظ ابن حجر في التقريب: داود بن الحصين الأموي مولاهم أبو سليمان المدني ثقة إلَّا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، فكانت رواية داود ابن الحصين له عن عكرمة تبعده عن الاحتجاج به، لو كانت فيه دلالة على محل النزاع. أضف إلى ذلك أن أبا داود رجح أن ركانه إنما طلق امرأته البتة، كما أخرجه هو - أي أبو داود - من طريق آل ركانة، وبذلك يجوز أن يكون بعض رواته حمل البتة على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثًا. قال ابن حجر: وبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس. يعني حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس.
٢ - حديث ابن عمر أنه طلق امرأته في الحيض ثلاثًا، فاحتسب بواحدة.
قال شيخنا. ولا يخفى سقوط الاستدلال بهذا الحديث؛ لأن الصحيح أنه إنما طلق واحدة، =