للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال: قيل لي: إنها قد بانت مني. فقال ابن مسعود: صدقوا. من طلق كما أمره الله فقد بين الله له، ومن لَبَّس على نفسه لبسًا جعلنا لبسه ملصقًا به. لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم، هو كما يقولون. ا. هـ.

ومنها: ما أخرجه مالك أيضًا في الموطإ عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز قال له: البتة ما يقول الناس فيها؟. قال أبو بكر: فقلت له: كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة. فقال عمر بن عبد العزيز: لو كان الطلاق ألفًا ما أبقت البتة منه شيئًا. من قال: البتة، فقد رمى الغاية القصوى. ا. هـ.

ومنها: ما رواه مالك في الموطإ أيضًا عن ابن شهاب؛ أن مروان بن الحكم كان يقضي في الذي يطلق امرأته البتة أنها ثلاث تطليقات. قال مالك: وهذا أحب ما سمعت في ذلك. ا. هـ. انظر فتح المنعم بشرح زاد المسلم لابن عمنا الشيخ محمد حبيب الله.

قال شيخنا في الأضواء: وقال النووي في شرح مسلم ما نصه: واحتج الجمهور بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (١). قالوا: معناه أن المطلق قد يحدث له ندم، فلا يمكنه تداركه لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع، لم يقع طلاقه هذا إلا رجعيًا فلا يندم. ا. هـ. قال: ومما يؤيد هذا الاستدلال القرآني ما أخرجه أبو داود بسند صحيح من طريق مجاهد. قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثًا، فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه. فقال: ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة ثم يقول: يا ابن عباس. إن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (٢). وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجًا: عصيت ربك، وبانت منك امرأتك. ا. هـ. قال: وأخرج له أبو داود متابعات عن ابن عباس بنحوه. وهذا تفسير من ابن عباس للآية بأنها يدخل في معناها؛ ومن يتق الله ولم يجمع الطلاق في لفظة واحدة، يجعل له مخرجًا بالرجعة. ومن لم يتقه في ذلك؛ بأن جمع التطليقات في لفظ واحد، لم يجعل له مخرجًا بالرجعة؛ لوقوع البينونة بها مجتمعة. هذا هو معنى كلامه الذي لا يحتمل غيره. وهو قوي جدًا في محل النزاع، لأنه مفسر به قرآنًا، وهو ترجمان القرآن، =


(١) سورة الطلاق: ١.
(٢) سورة الطلاق: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>