= إشارات البخاري رحمه الله، يفهم أن هذا اللفظ الثابت في سنن أبي داود، مطابق لترجمة البخاري، وأنه أشار بالترجمة إلى هذه الرواية، ولم يخرجها لأنها ليست على شرطه. قال شيخنا: فتصريح هذا الصحابي الجليل في هذه الرواية الثابتة؛ بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنفذ طلاق الثلاث دفعة، يبطل بإيضاح (دعوى) أنه لا عبرة بسكوته - صلى الله عليه وسلم - وتقريره له، بناء على أن الفرقة واقعة بنفس اللعان كما ترى. ا. هـ. منه.
قلت: ومن أدلة لزوم طلاق الثلاث دفعة واحدة، ما رواه الطبراني والبيهقي عن سويد بن غفلة، قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنهما، فقال لها: قتل علي كرم الله تعالى وجهه. قالت: لتهنك الخلافة. قال: يقتل علي وتظهرين الشماتة؟. إذهبي فانت طالق ثلاثًا. قال: فتلفعت بثيابها وقعدت حتى انقضت عدتها، فبعث إليها ببقية بقيت من صداقها وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: متاع قليل من حبيب مفارق. فلما بلغه قولها بكى ثم قال: لولا أني سمعت جدي، أو: حدثني أبي أنه سمع جدي يقول: "أَيُّمَا رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا عِنْدَ الأَقْراء أَوْ ثَلَاثًا مُبْهَمَةً، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ" لراجعتها. ا. هـ. قالوا: ومعنى مبهمة أي ليست مفرقة عند الأقراء.
ومنها: ما أخرجه ابن ماجه عن الشعبي قال: قلت لفاطمة بنت قيس: حدثيني عن طلاقك؟. قالت: طلقني زوجي ثلاثًا، وهو خارج إلى اليمن، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك. ا. هـ. وفي مسلم من رواية أبي سلمة أن فاطمة بنت قيس أخبرته، أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثًا ثم انطلق إلى اليمن الحديث. ولحديث فاطمة بنت قيس صيغ أخرى معلومة، ولا فرق بين جميع صيغه كما علم عن أهل الفن من استقراء الروايات الراجعة إلى قضية واحدة.
ومنها: ما أخرجه عبد الرزاق عن عبادة بن الصامت أن أباه طلق امرأة له ألف تطليقة، فانطلق عبادة فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عليه الصلاة والسلام:"بَانَتْ بِثَلَاثٍ في مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى، وَبَقِيَ تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ عُدْوَانٌ وَظُلْمٌ. إِنْ شَاء اللهُ تَعَالَى عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاء غَفَرَ لَهُ". ا. هـ.
ومنها ما أخرجه مالك في الموطإ؛ أنه بلغه أن رجلًا جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني طلقت امرأتي ثمان تطليقات. فقال ابن مسعود: فماذا قيل لك؟. =