وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري ما نصه: ومذهب جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم، منهم الأوزاعي والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، ومالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وآخرون كثيرون، على أن من طلق امرأته ثلاثًا وقعن، ولكنه يأثم. وقالوا من خالف فيه فهو شاذ مخالف لأهل السنة، وإنما تعلق به أهل البدع ومن لا يلتفت إليه لشذوذه عن الجماعة، التي لا يجوز عليهم التواطؤ على تحريف الكتاب والسنة. ا. هـ. منه بلفظه.
قال شيخنا في أضواء البيان ما نصه: اعلم أن من أدلة القائلين بلزوم الثلاث مجتمعة، حديث سهل بن سعد الساعدي، الثابت في الصحيح في قصة لعان عويمر العجلاني زوجته، فإن فيه: فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين. أخرج البخاري هذا الحديث. ووجه الاستدلال منه أنه أوقع الثلاث في كلمة واحدة ولم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فلو كان ممنوعًا لأنكره، ولو كانت الفرقة بنفس اللعان. قال: واختلف العلماء في قوله: فكانت سنة المتلاعنين، هل هو مدرج من كلام الزهري فيكون مرسلًا، وبه قال جماعة من العلماء؟ أو هو من كلام سهل رضي الله عنه فيكون مرفوعًا متصلًا؟.
قال: ويؤيد كونه من كلام سهل ما وقع في حديث أبي داود من طريق عياض بن عبد الله الفهري، عن ابن شهاب عن سهل قال: فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ما صنع عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة. قال سهل: حضرت هذا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمضت السنة بعدُ في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا. قال: وهذا الحديث سكت عليه أبو داود والمنذري.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: ورجاله رجال الصحيح. قال شيخنا: ومعلوم أن ما سكت عليه أبو داود فأقل درجاته عنده الحسن، وهذه الرواية ظاهرة في محل النزاع، وبها تعلم أن احتجاج البخاري لوقوع الثلاث دفعة بحديث سهل المذكور، واقع موقعه، لأن المطلع على غوامض =