يقْصد إِلَى أَنْفسهَا، بل إِلَى معَان مُنَاسبَة لَهَا فِي الْعرف، فيراد ببسط الْيَد الْجُود مثلا، وبشرط أَلا يُوهم المخاطبين إيهاما صَرِيحًا أَنه فِي ألواث البهيمية وَذَلِكَ يخْتَلف باخْتلَاف المخاطبين، فَيُقَال يرى، وَيسمع، وَلَا يُقَال يَذُوق، ويلمس، وَأَن يُسَمِّي إفَاضَة كل معَان متفقه فِي أَمر باسم، كالرزاق والمصور، وَأَن يسلب عَنهُ كل مَا لَا يَلِيق بِهِ لَا سِيمَا مَا لهج بِهِ الظَّالِمُونَ فِي حَقه مثل لم يلد وَلم يُولد، وَقد أَجمعت الْملَل السماوية قاطبتها على بَيَان الصِّفَات على هَذَا الْوَجْه، وعَلى أَن تسْتَعْمل تِلْكَ الْعبارَات على وَجههَا، وَلَا يبْحَث عَنْهَا أَكثر من اسْتِعْمَالهَا، وعَلى هَذَا مَضَت الْقُرُون الْمَشْهُود لَهَا بِالْخَيرِ، ثمَّ خَاضَ طَائِفَة من الْمُسلمين فِي الْبَحْث عَنْهَا، وَتَحْقِيق مَعَانِيهَا من غير نَص، وَلَا برهَان قَاطع، قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَفَكَّرُوا فِي الْخلق وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق " وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:
{وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} .
" لَا فكرة فِي الرب ".
وَالصِّفَات لَيست بمخلوقات محدثات، والتفكر فِيهَا إِنَّمَا هُوَ أَن الْحق كَيفَ اتّصف بهَا، فَكَانَ تفكر فِي الْخَالِق، قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث " يَد
الله ملأى "، وَهَذَا الحَدِيث قَالَ الْأَئِمَّة نؤمن كَمَا جَاءَ من غير أَن يُفَسر أَو يتَوَهَّم هَكَذَا قَالَ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة، مِنْهُم سيفان الثَّوْريّ، وَمَالك بن أنس، وَابْن عُيَيْنَة، وَابْن الْمُبَارك: أَنه تروى هَذِه الْأَشْيَاء ويؤمن بهَا، وَلَا يُقَال كَيفَ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: إِن إِجْرَاء هَذِه الصِّفَات كَمَا هِيَ لَيْسَ بتشبيه، وَإِنَّمَا التَّشْبِيه أَن يُقَال: سمع كسمع وبصر كبصر، وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: لم ينْقل عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَن أحد من الصَّحَابَة من طَرِيق صَحِيح التَّصْرِيح بِوُجُوب تَأْوِيل شَيْء من ذَلِك يعْنى المتشابهات وَلَا الْمَنْع من ذكره وَمن الْمحَال أَن يَأْمر الله نبيه بتبليغ مَا أنزل إِلَيْهِ من ربه، وَينزل عَلَيْهِ:
{الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} .
ثمَّ يتْرك هَذَا الْبَاب فَلَا يُمَيّز مَا يجوز نسبته إِلَيْهِ تَعَالَى مِمَّا لَا يجوز مَعَ حثه على التَّبْلِيغ عَنهُ بقوله: " ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب " حَتَّى نقلوا أَقْوَاله وأفعاله وأحواله وَمَا فعل بِحَضْرَتِهِ، فَدلَّ على أَنهم اتَّفقُوا على الْإِيمَان بِهِ على الْوَجْه الَّذِي أَرَادَ الله تَعَالَى مِنْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute