فيه أمران: أحدهما: أنه اعترض على المصنف في استدلاله بحديث أبي سعيد وذلك لأنه قاله النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد لما تقاول هو وعبد الرحمن ابن عوف أى أنه أراد بذلك صحبة خاصة والجواب أنه لا يلزم من كونه ورد على سبب خاص في شخص معين أنه لا يعم جميع أصحابه ولا شك أن خالدا من أصحابه وإنه منهي عن سبه وإنما درجات الصحبة متفاوتة فالعبرة إذا بعموم اللفظ في قوله: "لا تسبوا أصحابي" وإذا نهى الصحابي عن سب الصحابي. فغير الصحابي أولى بالنهى عن سب الصحابي. الأمر الثاني: أن ما حكاه المصنف من إجماع الأمة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم كأنه أخذه من كلام ابن عبد البر فإنه حكى في الاستيعاب إجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أن الصحابة كلهم عدول انتهى. وفي حكاية الإجماع نظر ولكنه قول الجمهور كما حكاه ابن الحاجب والآمدي وقال إنه المختار وحكيا معا قولا آخر انهم كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا وقولا آخر إنهم عدول إلى وقوع الفتن وأما بعد ذلك فلابد من البحث عمن ليس ظاهر العدالة وذهب المعتزلة إلى تفسيق من قاتل على بن أبي طالب منهم وقيل يرد الداخلون في الفتن كلهم لأن أحد الفريقين فاسق من غير تعيين وقيل نقبل الداخل في الفتن إذا انفرد لأن الأصل العدالة وشككنا في فسقه ولا يقبل مع مخالفه لتحقق فسق أحدهما من غير تعيين والله أعلم.