للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالحق أنه صلى الله عليه وسلم أتى بجيوشه بخفة، وما كان في أعوانه تاعب*، ولا كان ينعس، بل إنه سهران في عبادة الله سبحانه وتعالى، و (نشر) دينه الشريف، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم الليل كله حتى ترم قدماه الشريفتان١، فأمره تعالى في القرآن العظيم شفقة عليه وحباً وتعظيماً له بقوله له {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} ٢.


(*) حاشية: (اعلم أنّ الخفة وعدم التعب اللذين ذكرهما إشعيا في جيوش النبي صلى الله عليه وسلم هما برهانان قويان ظاهران، مشيران على الملائكة الذين كانوا يحاربون معه وعنه، كما خبرهم مشاع في القرآن الشريف في سورة الأنفال بألف، وفي سورة آل عمران بخمسة آلاف {لأنهم أي الملائكة ماكان يعتريهم ألم ولا تعب ولا عي، وسريع إتيانهم إلى مساعدة رسول اللهٍ} . هكذا قال في الحاشية، والذي أراه: أن ذلك لايقصد به الملائكة، لأن لهم صفات شهيرة، فلو كانوا هم المقصودين لوصفهم بها، والذي يظهر أن المقصود بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، الذين ما تأخروا، ولا تقاعسوا عن غزوة أو وجهة يوجههم إليها نبيهم الكريم، بل كانوا يبادرون لطاعته في كل ما يأمرهم به بلا كلل ولا ملل، يدل على ذلك سيرتهم في بدر وأحد والخندق وتبوك، وغيرها. والله أعلم.
١ روى البخاري في التهجد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنهقال: "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم أو ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه، فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً". صحيح البخاري مع الفتح ٣/١٤.
٢ المزمل آية (١-٤) .

<<  <   >  >>